روسيا وإيران في سوريا.. تقاطُع مصالح في العلن وصراع مرير على النفوذ في الخفاء

تَعارُض مشروعيهما العسكريين لا يتيح أي فرصة لانسجام المواقف
روسيا وإيران في سوريا.. تقاطُع مصالح في العلن وصراع مرير على النفوذ في الخفاء

تبدو روسيا وإيران في العلن حليفتين، لا سيما حيال الأزمة السورية المتفجرة منذ أكثر من أحد عشر عاماً، وهذا ما يحلو للمسؤولين في البلدين إيهام الرأي العام الدولي به، خصوصاً في الفترة الحالية، التي يعانيان فيها من عزلة دولية خانقة، لكن في الخفاء يحتدم تعارُض المصالح بينهما، ويباعد بين مواقفهما سواء على الساحة السورية أو الدولية، وقد فرض التقارب الروسي الإيراني نفسه بشأن الأزمة السورية، تحت وطأة تقاطُع مصالح لم يكن لأي منهما مفر من التجاوب معه، وقد تركزت هذه المصالح في محور أساسي، هو هزيمة الثورة السورية، وإبقاء نظام بشار الأسد في السلطة في سوريا، والدفاع عنه وحمايته.

ونجحت الدولتان رغم اختلاف أدواتهما في تحقيق هذا الهدف، لكن تحالفهما العلني ما لبث أن تحول إلى صراع مرير على النفوذ في الساحة السورية؛ بسبب التباين الشديد في المصالح بينهما، فروسيا قبلت بأن تكون طرفاً في النزاع السوري؛ حفاظاً على وجودها العسكري في سوريا، وقد مكّنها نظام بشار الأسد من ذلك؛ فأجّر لها قاعدة طرطوس البحرية على البحر الأبيض المتوسط لمدة 49 عاماً، كما منحها قاعدة حميميم الجوية، ومن خلال هذين الامتيازين العسكريين ضمنت روسيا إبقاء وجودها العسكري في منطقة الشرق الأوسط، وحوض البحر الأبيض المتوسط، الذي يضم جنوب أوروبا وشمال إفريقيا وغرب آسيا.

ولا تواجه هذه المكاسب الروسية في سوريا تهديدات سوى من المصالح الإيرانية، فمشروع الهلال الشيعي الإيراني، الذي تسعى إيران من خلاله إلى الوصول للبحر المتوسط، يشكّل خطورة على الوجود العسكري الروسي في سوريا، وتحاول إيران تنفيذ المشروع من خلال خط سكك حديدية يبدأ من إيران ويمر بمدينة البصرة العراقية، ليصل إلى ميناء اللاذقية السوري، الذي حصلت إيران على حق تشغيله عام 2018، لكن روسيا تعارض إقامة هذا المشروع، وترفض حصول إيران على حق تشغيل ميناء اللاذقية، وتقترح الصين بدلاً منها؛ لأن وجود إيران في الميناء القريب من ميناء طرطوس وقاعدة حميميم يهدد المصالح العسكرية الروسية، في أي مواجهة قد تنشب بين إيران وإسرائيل أو الولايات المتحدة على الجغرافيا السورية.

ولا يقتصر تعارض المصالح بين روسيا وإيران على ما سبق فحسب، فيمتد الاختلاف بينهما إلى الموقف من "إسرائيل"، التي ترى روسيا أنها لا تمثل خطورة على مصالحها في سوريا، في حين حولت إيران سوريا إلى ساحة للمواجهة مع "إسرائيل"، التي لا تتواني عن قصف كل المواقع العسكرية السورية، التي تواجد فيها إيران ومليشياتها، دون أن تُصدِر روسيا ما ينم عن عدم رضاها من الهجمات الإسرائيلية، وليس مجافاة لحقائق الواقع القول، بأن التنافس على المصالح بين روسيا وإيران وصل حالياً إلى حد استغلال كل منهما للظروف الدولية، التي تعاني منها الدولة الأخرى في تعظيم مكاسبها، وقد بدا ذلك جلياً في اشتراط روسيا على إيران الحصول على ضمانات مكتوبة لمواصلة التعاون معها، بعد تشديد أمريكا العقوبات على إيران.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org