الانتخابات التركية 2023م.. ملفات صعبة ومعقدة في انتظار الرئيس القادم

الانتخابات التركية 2023م.. ملفات صعبة ومعقدة في انتظار الرئيس القادم

تحظى الانتخابات التركية الحالية باهتمام عالمي مكثف لأسباب عديدة لدرجة دفعت بعض المراقبين لوصفها بالأهم في العالم لهذا العام 2023م. وذلك لأبعاد مؤثرة تتعلق بالاتجاه الذي ستسلكه البلاد خلال السنوات المقبلة، وللدور المحوري الذي تمثله تركيا بثقلها وموقعها وأهميتها، وفي ترقب لنتائجها التي قد تزيح الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان من منصبه وإنهاء مسيرة حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه سواء لفترة أو لفترات عديدة قادمة.

في هذه النسخة من الانتخابات يبرز حجم قوة المنافس وهو مرشح المعارضة القوي زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليشدار أوغلو، ويمثل "تحالف الأمة" أو تحالف الطاولة السداسية، أما سنان أوغان فيمثل تحالف "العمل والحرية"، ووفقاً لسكاي نيوز عربية تظهر استطلاعات للرأي أن كليشدار أوغلو يملك توقعات متقدمة فيما لم تحسم الانتخابات حتى كتابة هذه المادة.

السياسة الخارجية

ويرى المراقبون أن تركيا في عهد أردوغان حافظت على تأثير جيد لها واستطاعت سياستها الخارجية أن تمسك العصا من المنتصف في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية، وكذلك التعامل مع الغرب وحلف الناتو والاتحاد الأوروبي والعديد من الملفات الساخنة الأخرى، حيث يعتقد أنه في حالة فوزه سيواصل سياسته الحالية مع توجه أكبر في التقارب مع روسيا على حساب العلاقة مع الغرب بشكل عام. غير أنه يواجه مشاكل اقتصادية قوية وارتفاعاً كبيراً في نسب التضخم. وقد يسنده قليلاً الاعتقادات أن أكثر مناصريه يرون فيه رجل المرحلة الذي أعاد تركيا لثقلها الدولي.

هذا فيما ترى (بي بي سي نيوز) في قراءة لها أنه يبدو لافتاً في هذه الانتخابات عدم تمكن أي من المرشحين الرئاسيين رجب طيب أردوغان أو كمال كلجدار أوغلو على نسبة تزيد على 50% من الأصوات ليحسم الفوز لصالحه. وأنه قد يبدو من المستغرب أنه رغم الشعبية الكبيرة، التي يحظى بها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية، على مدار سنوات حكمه الطويلة، فإنه بدا في هذه الانتخابات، غير قادر على الحسم من الجولة الأولى، فيما يراه مراقبون دليلاً على تململ في بعض قطاعات الشعب التركي، التي رأت أن أردوغان تحول إلى الحكم الأحادي، وربما أفرط في الإجراءات التي اتخذها ضد معارضيه، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة ضده في عام 2016. وينظر لهذه النسخة من الانتخابات بأهمية حيث إنه في حال فوز الرئيس أردوغان بولاية جديدة، فإنها ستكون الولاية الأخيرة له وفقاً لهذا النظام، وبجانب اختيار الرئيس، فإن الناخبين الأتراك صوتوا أيضاً لاختيار أعضاء البرلمان التركي، البالغ عددهم 600 نائب.

ملفات صعبة ومُعقدة

وأورد التقرير نقلاً عن مركز الأبحاث البريطاني (تشاتام هاوس) أن هذا الحدث يعتبر من "أهم ثلاثة أحداث، يتوقع ظهور نتائجها في العالم هذا العام. ويواجه الرئيس الفائز (أياً كان) ملفات صعبة ومعقدة في مقدمتها ملف اللاجئين وبخاصة السوريون منهم، وكيف سيكون مصيرهم في حال فوز المعارضة التركية، ويذكر كثيرون أن مرشح المعارضة التركية كمال كليجدار، كان قد حدد مدى زمنياً مدته عامان لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، في حال نجاحه في تلك الانتخابات حيث نقل عنه: "سنرسل إخواننا السوريين إلى بلادهم خلال عامين، من دون أن نلطخ سمعة بلادنا بأي تصرفات عنصرية، وسنعيد الأفغان الذين دخلوا تركيا من الحدود مع إيران إلى البلد الذي جاؤوا منه، وفي رئاستنا للجمهورية لن تكون معابرنا وحدودنا مثل خان عابر السبيل".

غير أن التحدي الكبير هو في مواجهة المرحلة المتضخمة والصعبة للاقتصاد التركي خصوصاً بعد وصول معدل التضخم رسمياً إلى نحو 44 في المئة إذ يعاني الأتراك من أزمة تكلفة معيشية أكثر حدة بكثير من غيرهم. يقول الكثيرون إن معدل التضخم الحقيقي أعلى من ذلك بكثير.

الولايات المتحدة: ليرحل أردوغان

عالمياً من الواضح أن الولايات المتحدة على سبيل المثال وبخلاف روسيا "لا تخفي رغبتها، في رحيل أردوغان وحزبه عن السلطة، إذ تراه حجر عثرة أمام مزيد من التعاون من قبل تركيا، خاصة مع حلف الناتو الذي تعد أنقرة عضواً مهماً به"، وترى القوى الغربية، أن فوز المعارضة بزعامة كليجدار ستسمح لتركيا بمزيد من الانخراط في تأييد الدول الغربية وحلف الناتو، في العديد من النزاعات الدائرة حالياً، وعلى رأسها الحرب الروسية على أوكرانيا، وهو التأييد الذي تفتقره الولايات المتحدة وحلفاؤها، من الحليف التركي في هذا الوقت.

من سيختار الأتراك؟

ويبدو أن الأتراك في اختيارهم لن يكون سهلاً فالمتنافسان لدى كل منهما رؤية معاكسة للآخر، حيث تركز شعارات الرئيس الحالي على أهمية جعل تركيا قوية ومتعددة التحالفات وخلق ستة ملايين وظيفة، ويرى منافسه كمال كليجدار أوغلو وبدعم من الغالبية العظمى من قوى المعارضة، أهمية توجيه هذه الدولة العضوة في الناتو مرة أخرى نحو الغرب وجعلها أكثر ديمقراطية. والواقع أن هناك صلاحيات أسطورية لمن سيصل للمنصب الذي عايشه أردوغان منذ عام 2017، حيث يمكنه على سبيل المثال: إعلان حالة الطوارئ وتعيين وفصل كبار موظفي الدولة.

وفي رؤية أردوغان فإن تركيا يجب أن تتبنى تحالفات متعددة الأطراف لتكون واحة سلام وأمن والوسيط في الحرب الروسية الأوكرانية أما منافسه فيرى أولوية العودة لمفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وتعزيز العلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة، مع الحفاظ على علاقات تركيا مع روسيا.

العودة للنظام البرلماني

حول ذلك سبق وصرح سليم كورو عضو مركز أبحاث Tepav التركي، أنه إذا فاز أردوغان فلن يتغير الكثير، صلاحياته واسعة لدرجة أنه لن يسعى إلى توسيعها أكثر من ذلك." لكن الرجل الذي يسعى إلى الجلوس في مكانه يريد إلغاء النظام الرئاسي ويصبح زعيماً "محايداً" لا علاقة له بحزب سياسي. ووفقاً لبي بي سي يقول كليجدار أوغلو إنه سيعيد تركيا إلى النظام البرلماني واستعادة منصب رئيس الوزراء وضمان استقلال المحاكم وتعزيز الحريات الصحفية. كما أنه سيحصل كل حزب من الأحزاب الخمسة المشاركة في تحالف كليجدار أوغلو على منصب نائب الرئيس، وكذلك رئيسا بلديتي أنقرة وإسطنبول المنتميان لحزب كليجدار أوغلو.

مأزق التحالفات

وحول فرص المعالجة التي يفضلها المتنافسان لوضع الاقتصاد تقول الدكتورة سلوى دميرالب، أستاذة الاقتصاد في جامعة كوج إن سياسات أردوغان من المرجح ستُبقي التضخم فوق نسبة الـ 45 في المئة لأشهر قادمة، لكن إذا فاز كمال كليجدار أوغلو وحلفاؤه بالرئاسة والبرلمان، فإنها تعتقد أن العودة إلى السياسات الاقتصادية التقليدية واستقلال البنك المركزي ستؤدي إلى خفض التضخم إلى 30 في المئة بحلول نهاية عام 2023 وسيستمر في الانخفاض بعد ذلك.

وحول توجه المعارضة السياسي ووفقاً لقناة الحرة يشير الباحث التركي أوزكيزيلجيك إلى أن "المعارضة تريد تعزيز العلاقات مع الغرب، أي مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، فيما سيحاولون تطبيع العلاقات مع نظام الأسد. ولكن عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط بشكل عام والدول العربية بشكل خاص، فإن المعارضة تريد ألا تفعل شيئاً معهم.

سلطات كاملة

وفي تقرير لـ(DW) فإنه لأول مرة يخوض الرئيس أردوغان الانتخابات الرئاسية دون أن يكون الأوفر حظاً. لقد استطاع بالفعل تعديل الدستور عام 2017. وبعد انتخابات 2018 تم اعتماد النظام الرئاسي، ومنذ ذلك الحين يتولى رجب طيب أردوغان رئاسة البلاد ورئاسة الحكومة أيضاً، حيث تم إلغاء منصب رئيس الوزراء بموجب التعديل الدستوري.

يذكر أن النظام التركي الحالي يقوم على أن يتم انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب مباشرة لمدة خمسة أعوام ولديه صلاحيات واسعة جداً تتيح له سيطرة كاملة. ومن خلال النظام الرئاسي تم إلغاء الحياد السياسي أيضاً، وهكذا يترأس أردوغان حزبه الحاكم، العدالة والتنمية أيضاً، ولم يعد هناك فصل بين المنصبين. كما أن الرئيس أردوغان قام بتفصيل السلطة على مقاسه وفقاً لـ (DW)، حيث كان هناك توسع مستمر في صلاحياته، وحتى مع زيادة عدد نواب البرلمان من 550 عضواً إلى 600 عضو بعد إدخال النظام الرئاسي، أفرغ أردوغان البرلمان من محتواه وجعله عديم الجدوى.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org