تركت "طوفان الأقصى"، تلك العملية العسكرية الواسعة التي أطلقتها كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس الفلسطينية، جرحًا غائرًا لا يندمل في الداخل الإسرائيلي، وأصداء واسعة في الصحافة العبرية، بعد أن منيت تل أبيب بهزيمة فارقة في الجولات الأولى من تلك المعركة.
وفتح عددٌ من الكُتاب الإسرائيليين النار على فشل حكومتهم وأجهزتهم الأمنية والاستخباراتية في توقُّع العملية العسكرية؛ وبالتالي التصدي لها، بعد أن تسلل مقاتلو "القسام" إلى الداخل الإسرائيلي، وأوقعوا القتل والأسر بين صفوف الإسرائيليين في مشهد صدم تل أبيب، وأفقدها صوابها.
ومتأثرًا بالصدمة الهائلة كتب تشايم ليفنسون في صحيفة "هآرتس" مقالاً بعنوان: "مهما يحدث في هذه الجولة من الحرب بين إسرائيل وغزة.. فقد خسرنا بالفعل". لافتًا إلى أن تل أبيب في حكم المهزوم حتى لو استطاعت افتراضًا أسر قائد الجناح العسكري لحركة حماس، وتقديمه للمحاكمة.
ويضيف الكاتب الإسرائيلي: "وكما حدث في حرب يوم الغفران (حرب أكتوبر 1973)، جاءت الخسارة مع الضربة الافتتاحية. والباقي قصص للمؤرخين".
ويدلل "ليفنسون" على الفشل الإسرائيلي بقوله: "يطلق جيش الدفاع الإسرائيلي على هذه العملية اسم (عملية السيوف الحديدية)، ولكنها في الحقيقة عملية (إسقاط السراويل). كل جيش الدفاع الإسرائيلي وجهاز الأمن الشاباك بكل وسائلهما، طائراتهما بدون طيار، تنصتهما، ذكائهما البشري، ابتزازهما للمصادر البشرية، ذكائهما الاصطناعي، عباقرة وحدة النخبة SIGINT 8200 – لم يكن لدى أحد أدنى فكرة!".
وأرجع الكاتب نجاح حماس في إدخالها الرعب في قلوب الإسرائيليين إلى نقلها المعركة لملعبهم، وقال: "لقد كان نجاح حماس حدثًا استراتيجيًّا بالنسبة لدولة إسرائيل. لقد انهار الشعور بالأمان. لقد نقل العدو الحرب بسهولة إلى الأراضي الإسرائيلية دون أي رد. لقد عرت المعركة جيش الدفاع الإسرائيلي، وأظهرت فشل القيادة".
وحمّل يوري ميسجاف في مقاله في "هآرتس" الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو مسؤولية الفشل تجاه عملية "طوفان الأقصى"، لافتًا إلى أن تل أبيب تأخرت لساعات في الرد على الهجوم، والتعامل معه.
وأشار "ميسجاف" إلى أن "نتنياهو" وأعضاء حكومته كانوا غائبين تمامًا عن المشهد؛ فرئيس الوزراء كان في إجازة لمدة أسبوع في أحد الفنادق الفخمة، ولا يدري شيئًا عما يدور، في حين اكتفى بعد 4 ساعات كاملة من الهجوم بالخروج بكامل مكياجه في رسالة متلفزة، على حد تعبيره.
واعترف الكاتب بأن "طوفان الأقصى" نجحت بالفعل في هز المجتمع الإسرائيلي الممزق والمنهك بالفعل من الجذور، الذي يشعر منذ شهور بأن الدولة تنهار وتدمر أمام أعينهم، على حد وصفه.
وفي الصحيفة العبرية نفس اعتبرت الكاتبة إيريس ليل أن ما حدث يوم 7 أكتوبر تكرار لما حدث في حرب 1973، عندما منيت تل أبيب بهزيمة مذلة أمام القاهرة.
وعبّرت "ليل" عن خيبة أملها، وسخطها من تكرار الفشل الإسرائيلي الاستخباراتي كما حدث تمامًا عام 1973، والتمسك به كنقطة مرجعية، لافتة إلى أنه لا توجد جهة رسمية تنقل المعلومات بشكل منظم.
وحمّلت الكاتبة الإسرائيلية حكومة "نتنياهو"، وسياسات اليمين المتطرف هذا الفشل الذريع، ونتائجه الكارثية، بعد أن تم هجر البلدات الحدودية لغزة بالكامل خلال عطلة عيد الغفران؛ ما مكّن حماس من السيطرة على تلك البلدات، على حد تعبيرها.
وفي افتتاحيتها زعمت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن الهجوم على إسرائيل لم يكن مبررًا، لافتة إلى أن حماس ليست في حاجة إلى ذريعة لإيذاء تل أبيب، وقتل الإسرائيليين، على حد زعمها.
وبررت الصحيفة عمليات إطلاق النار السابقة لقوات الاحتلال الإسرائيلي على العزل من الفلسطينيين على حدود غزة، مبينة أنه لم يكن ينبغي السماح لأي مواطن من غزة، مسلحًا أو غير مسلح، بالاقتراب من السياج الأمني، وفقًا لتعبيرها.