إرث بشار الأسد.. دولة ممزقة ومئات الآلاف من القتلى و13 مليون نازح في الداخل والخارج

رفض التجاوب مع مطالب الشعب وشن عليه حملة قمع وحشية
إرث بشار الأسد.. دولة ممزقة ومئات الآلاف من القتلى و13 مليون نازح في الداخل والخارج
تم النشر في

بشار الأسد، الزعيم السوري الذي حكمت عائلته بقبضة حديدية لأكثر من 50 عامًا، هو الجيل الثاني من سلالة استبدادية احتفظت بالسلطة لعقود. اختفاؤه المفاجئ وسط تقدم المسلحين السريع يشير إلى إعادة ترتيب مذهلة للقوى في دولة الشرق الأوسط الاستراتيجية. يُعرف الأسد بحكمه الوحشي الذي دمر سوريا، والتي مزقتها حرب أهلية منذ عام 2011، مما أدى إلى تفشي الجماعات المتطرفة، مثل داعش، وأزمة لاجئين عالمية.

واندلعت الحرب بعد أن رفض نظام الأسد الاستجابة للاحتجاجات الشعبية المؤيدة للديمقراطية التي اجتاحت البلاد خلال الربيع العربي. بدلاً من الاستماع لمطالب الشعب، شنت الحكومة حملة قمع وحشية، أسفرت عن مقتل وسجن الآلاف في الأشهر الأولى. ومنذ ذلك الحين، وُجهت اتهامات لقوات الأسد بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين.

عزلة وبقاء

وعلى الرغم من الضغوط الغربية والعزلة الدولية، تمكن نظام الأسد من البقاء في السلطة بفضل دعم حلفائه القويين، روسيا وإيران. كانت هناك لحظات من الفرح والاحتفاء في المدن التي سيطر عليها المسلحون، مثل حمص، حيث أظهر السكان رفضهم للنظام من خلال تمزيق صور الأسد ووالده.

وتولى الأسد السلطة في عام 2000 بعد وفاة والده حافظ الأسد، الذي حكم سوريا منذ عام 1970. ورث بشار عن والده نظامًا استبداديًا، عُرف بعدم التسامح مع المعارضة. بينما تُظهر الأحداث التاريخية أن حافظ الأسد قد ارتكب مجزرة في مدينة حماة عام 1982، حيث قُتل آلاف المعارضين، فإن بشار اتبع نفس النهج القمعي.

وعندما تولى بشار الأسد الحكم، كان هناك أملٌ في أن يكون قائدًا شابًا ومعتدلًا، خاصة بعد زواجه من أسماء الأسد، المصرفية السابقة. لكن تلك الآمال تلاشت عندما حافظ الأسد على علاقات بلاده مع الجماعات المتطرفة، وواجه حركة الاحتجاجات السلمية بالقوة. في عام 2011، دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأسد إلى قيادة انتقال ديمقراطي، محذرًا من أن النظام اختار طريق القتل والاعتقال، وفقاً لشبكة "سي إن إن" الأميركية.

وأعيد انتخاب الأسد عدة مرات، لكن هذه الانتخابات كانت تعتبر مزورة من قبل المجتمع الدولي. وأسلوبه القمعي خلال الحرب الأهلية جعل قواته مشهورة باستخدام تكتيكات وحشية ضد المعارضة، مما أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني في البلاد.

حرب الكيماوي

وفي عام 2013، كشف مفتشو الأسلحة التابعون للأمم المتحدة عن أدلة دامغة على استخدام غاز الأعصاب في سوريا. الهجوم الذي وقع في ضواحي دمشق أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص، بينهم العديد من المدنيين. هذا الهجوم دفع القوى العالمية إلى العمل على تفكيك الترسانة الكيميائية للنظام، وزيادة دعمها لقوات المعارضة.

ومع مرور الزمن، أصبحت الحرب الأهلية في سوريا حجر الزاوية لإرث الأسد، حيث أسفرت عن مئات الآلاف من القتلى وسبعة ملايين نازح داخليًا وأكثر من ستة ملايين لاجئ دولي. تبقى سوريا اليوم مسرحًا للصراع والانقسام، حيث تحتاج إلى جهود دولية حقيقية لتحقيق السلام والاستقرار. إن تاريخ بشار الأسد يظل ماثلاً كدرس قاسٍ حول عواقب القمع والاستبداد في وجه مطالب الشعب بالحرية والكرامة.

سيظل إرث بشار الأسد موضوعًا للجدل، لكن الأمل يبقى في أن يتمكن السوريون من استعادة مستقبلهم وبناء وطن يسوده السلام والكرامة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org