"الحوثي" يجند الأطفال علنًا وفي طابور الصباح.. 50 قتيلًا من مدرسة واحدة!

"عمر" عاد أشلاء وإغراء الفقراء يتواصل.. وتقارير أممية: ثلث الميليشيات قصّر!
"الحوثي" يجند الأطفال علنًا وفي طابور الصباح.. 50 قتيلًا من مدرسة واحدة!
تم النشر في

لم يكمل "عمر" صفّه الخامس الابتدائي حتى كان فخ الميليشيات الحوثية يترصده في أحد أحياء صنعاء، ليصنع منه مقاتلًا طفلًا يردد دونما وعي صرخة الجماعة الإيرانية التي تشبّع بها خلال 40 يومًا في أحد المراكز الطائفية الحوثية؛ حيث ينتمي الصغير "عمر" إلى مديرية "ماوية" التابعة إداريًّا لمحافظة تعز، ويعيش مع أبويه في صنعاء منذ ولادته؛ وفقًا لرواية أقاربه والمحيطين به.

لم يكمل "عمر" الذي أصبح لقبه "أبو الكرار"، 12 من عمره بعدُ، ومع ذلك زجت به الجماعة الحوثية إلى الخطوط الأمامية للقتال في جبهة "نهم" ليعود في ديسمبر الماضي أشلاء مصحوبة بموكب احتفالي مغطّى بالألوان الخضر، كما هو دأب الجماعة في الاحتفال بقتلاها وإرغام ذويهم على عدم الحزن، في ظاهرة باتت كما يقول المثل: "على عينك يا تاجر".

يقول (ن.و)، وهو من جيران والده في حي "سعوان" شرقي العاصمة صنعاء: كان عمر طفلًا مؤدبًا وذكيًّا، ذهب يومًا إلى أحد المساجد القريبة الخاضعة للحوثيين لكنه لم يعد، فقدت أسرته الأمل في عودته إلا أنه عاد بعد 40 يومًا وقد أصبح لقبه "أبو الكرار"، ومعه حزمة من أوراق الجماعة الحوثية وملازمها.

ويؤكد حقوقيون وناشطون في صنعاء، أن الجماعة الحوثية لم تتوقف للحظة واحدة منذ نشأتها عن عملية استقطاب الأطفال وتجنيدهم، بطرق شتّى وأساليب متعددة، لكنها في العامين الأخيرين صعدت من أساليبها في الاستقطاب والتجنيد، في المدارس والمساجد والأسواق والأحياء الفقيرة، والأندية الرياضية.

ومع النقص الحاد في عناصر الجماعة في جبهات القتال، كان مسؤولو الجماعة في صنعاء أطلقوا الطائفيين إلى المدارس، وتحويل طابور الصباح والإذاعات المدرسية إلى وسيلة من وسائل التعبئة والاستقطاب، فضلًا عن توجيه الأنشطة المدرسية لما يخدم عمليات الاستقطاب والتجنيد.

وكشفت مصادر حقوقية في صنعاء في يناير 2019 عن وثيقة تضم أسماء 50 قتيلًا من مدرسة واحدة في مديرية بني حشيش الواقعة في الضواحي الشرقية لصنعاء.

وسبق أن اقترح القيادي في الجماعة ووزيرها للشباب والرياضة حسن زيد، قبل عامين؛ إغلاق المدارس ودفع الطلبة إلى جبهات القتال، في الوقت الذي أكد ناشطون يمنيون أن اثنين من أولاد زيد يدرسون خارج البلاد في أحسن الجامعات العالمية.

كما وثقت المصادر اليمنية قيام الجماعة الحوثية باستقطاب العشرات من الأطفال من نزلاء مدرسة الأيتام في صنعاء، والذين عاد أغلبهم جثثًا هامدة من جبهات القتال في مديرية "نهم" خلال العامين الماضيين.

ويقدر الكثير من المراقبين أن الجماعة الحوثية حرصت خلال العامين الأخيرين على انهيار النظام التعليمي في مناطق سيطرتها؛ بسبب عدم دفع رواتب المعلمين من أجل دفع الأطفال لترك المدارس وتسهيل عملية استقطابهم للقتال.

ولا تجد الجماعة الحوثية أي غضاضة في المفاخرة والتباهي بتسليح الأطفال والاستعراض بهم، كما تفعل عادة في مهرجاناتها الاستعراضية المسلحة التي تنقل وقائعها وسائلها الإعلامية.

ويؤكد ناشطون يمنيون أن الجماعة الحوثية سخرت كميات كبيرة من المساعدات الغذائية الدولية من أجل استقطاب الأطفال المجندين، بخاصة في مناطق الحديدة وحجة والمحويت وإب، عبر إغراء الأسر الفقيرة بسلال الطعام مقابل الموافقة على إرسال أحد أبناء الأسرة إلى الجبهات.

فيما يؤكد سكان محليون في العاصمة صنعاء أن ميليشيات الحوثيين مستمرة في استقطاب الأطفال تحت سن 18، وإدخالهم دورات طائفية تقيمها في عدد من مساجد العاصمة. بينما أوضحت مصادر "أن الميليشيات خصصت بدرومات المساجد لمبيت الأطفال والشباب الملتحقين في صفوفها ولإقامة دوراتها الطائفية وتدريس ملازم مؤسسها حسين الحوثي ودروس شقيقه عبدالملك الحوثي.

وفي الوقت الذي أكدت تقارير أممية سابقة أن نحو ثلث مقاتلي الجماعة الحوثية هم القصّر والأطفال، أكد وزير حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية محمد عسكر أن الجماعة جندت بين 23-25 ألف طفل خلال الأعوام الأربعة الماضية، فيما كانت منظمة يمنية معنية بالدفاع عن حقوق الأطفال "سياج" ذكرت في تقارير سابقة لها أن الأطفال والقصر شكلوا نحو 50% من مقاتلي الحوثيين خلال حروبهم منذ 2004.

ويقدر خبراء في علم نفس الطفل أن طبيعة المجتمع اليمني المحتفية بالسلاح والممجدة للرجولة المبكرة، إضافة إلى عوامل مثل اتساع رقعة الأمية والفقر؛ كلها ساعدت الجماعة على استقطاب آلاف الصغار إلى صفوفها بعد إخضاعهم لعمليات تثقيف طائفي مكثف في مراكزها المتخصصة.

وفي أحدث إحصائية حكومية عن تجنيد الأطفال في صفوف الحوثيين، قالت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة الشرعية الدكتورة ابتهاج الكمال: إن الحوثيين قاموا "بتجنيد ما يزيد على 23 ألف طفل، بصورة مخالفة للاتفاقيات الدولية وقوانين حماية حقوق الطفل، منهم ألفان و500 طفل منذ بداية 2018".

وأشارت "الكمال" في تصريح نقلته وكالة "سبأ" إلى أن استمرار ميليشيات الحوثي بتجنيد الأطفال والزج بهم في المعارك، واختطافهم من المدارس والضغط على الأسر وأولياء الأمور لإرسالهم إلى المعارك؛ تمثل جرائم حرب ومخالفة لكل القوانين الدولية الخاصة بالطفل.

من جهتها ذكرت منظمة "وثاق"، وهي منظمة محلية، في أحدث تقاريرها؛ أنها وثقت تجنيد الميليشيات الحوثية لـ2500 طفل دون سن الـ15، معظمهم من صنعاء وذمار وعمران والمحويت وحجة، خلال العام الماضي، وتوزيعهم على الجبهات المشتعلة، للمشاركة بشكل مباشر في العمليات القتالية، بصورة مخالفة للاتفاقيات الدولية وقوانين حماية حقوق الطفل.

وفي أحدث إحاطة للمنسق الأممى للشؤون الإنسانية والإغاثة مارك لوكوك، أمام مجلس الأمن، قبل أيام؛ قال: إن تجنيد الأطفال ازداد خلال العام الماضى في اليمن، وهو أمر غير مقبول إطلاقًا، مشددًا على ضرورة تحقيق التزام كامل باتفاق ستوكهولم قبل المضيّ فى جولة جديدة من المحادثات.

وبحسب تقارير حقوقية يمنية ودولية، فإن الحرب التي أشعلها الحوثيون في اليمن دفعت أكثر من مليونَي طفل إلى سوق العمل، جراء الظروف الاقتصادية الصعبة، بالإضافة إلى حرمان أكثر من 4.5 ملايين طفل من التعليم، منهم مليون و600 ألف طفل حُرموا من الالتحاق بالمدارس خلال العامين الماضيين.

وتمكّنت قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، من حماية وتأهيل أكثر من 100 طفل مجند تم أسرهم في جبهات القتال، خلال العام الماضي، عبر برنامج متكامل تم استحداثه في 2017، ويمر الأطفال المجندون عبر عدة مراحل في هذا البرنامج وصولًا إلى تسليم الأطفال إلى ذويهم.

وأوردت أغلب القصص التي سردها الأطفال المجندون المعاد تأهيلهم، جانبًا ضافيًا عن التوحش الحوثي، لجهة طريقة الاستقطاب للتجنيد، أو قيام الجماعة باختطاف الطفل أو أرغام أسرته على تسليمه للقتال، ووصولًا إلى الدفع بالصغار إلى الخطوط الأمامية وتركهم لمواجهة قدرهم المحتوم.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org