
في خضم تصاعد التوترات الدولية، تؤكد روسيا تمسكها بأهدافها في أوكرانيا، رغم إنذار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض عقوبات صارمة خلال 50 يومًا إذا لم تُبرم هدنة، ومن موسكو، يبرز إصرار الكرملين على فرض سيطرته على المناطق الأربع التي ضمها عام 2022، ومنع كييف من الانضمام إلى حلف الناتو، بينما تتصاعد الهجمات بعيدة المدى على المدن الأوكرانية، وفي المقابل، تقترح كييف جولة جديدة لمحادثات السلام، فهل تنجح الدبلوماسية أم يتصاعد الصراع؟
وأكد دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، أن روسيا منفتحة على السلام، لكن تحقيق أهدافها يبقى الأولوية القصوى، وتشمل هذه الأهداف السيطرة الكاملة على مناطق دونيتسك، لوهانسك، خيرسون، وزابوريجيا، التي ضمتها موسكو بشكل غير قانوني عام 2022، إلى جانب مطالبة أوكرانيا بالتخلي عن طموحها للانضمام إلى الناتو وتقليص قواتها العسكرية، وهذه الشروط، التي رفضتها كييف وحلفاؤها الغربيون، تعكس استراتيجية روسية صلبة تهدف إلى تعزيز نفوذها الإقليمي، وقد نفى بيسكوف اتهامات الغرب بتعطيل محادثات السلام، مشددًا على أن الرئيس فلاديمير بوتين يسعى لحل سلمي، لكنه وصف العملية بـ"الطويلة والمعقدة"، وفقًا لـ"أسوشيتد برس".
وتواصل روسيا تكثيف هجماتها بعيدة المدى، حيث أطلقت في ليلة واحدة عددًا من الطائرات دون طيار يفوق ما استخدمته خلال أشهر كاملة في 2024، أسقطت القوات الأوكرانية 18 من أصل 57 طائرة دون طيار روسية ليلة الأحد، بينما اختفت سبع أخرى من الرادار. في زابوريجيا، أصابت طائرة منزلًا، مما أدى إلى إصابة امرأتين، بينما أصيب مدنيان في خاركيف، وامرأة وابنها في سومي، حيث تسبب هجوم في قطع الكهرباء عن 100 أسرة، وفي المقابل، أعلنت روسيا إسقاط 93 طائرة أوكرانية استهدفت أراضيها، بما في ذلك 15 طائرة اقتربت من موسكو، مع أضرار محدودة في زيلينوغراد.
وأصدر ترامب، في 14 يوليو، تهديدًا بفرض "رسوم جمركية قاسية" على شركاء روسيا التجاريين لعزلها اقتصاديًا، إذا لم يُبرم اتفاق سلام خلال 50 يومًا، كما أعلن عن خطة لتزويد أوكرانيا بأسلحة أمريكية، بما في ذلك أنظمة باتريوت للدفاع الجوي، عبر مشتريات أوروبية بمليارات الدولارات. لكن شكوكًا أثيرت حول التزام واشنطن، بعد توقف شحنات الأسلحة مؤخرًا بسبب مخاوف من نفاد المخزونات الأمريكية، وهذا الإنذار يعكس تصلبًا في موقف ترامب بعد فشل مفاوضات إسطنبول، التي اقتصرت نتائجها على تبادل الأسرى.
واقترح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في خطابه الليلي، جولة جديدة لمحادثات السلام هذا الأسبوع، مع بقاء إسطنبول الوجهة المحتملة، لكن الجانب الروسي لم يحدد موعدًا بعد، مما يثير تساؤلات حول جدية التقدم الدبلوماسي، فهل ستتمكن هذه المحادثات من كسر الجمود، أم ستظل رهينة التصعيد العسكري والضغوط الاقتصادية؟