
حرصت روسيا منذ اجتياحها أراضي أوكرانيا في فبراير 2022م على إخفاء الحصيلة الحقيقية لخسائرها البشرية في المعارك الطاحنة، التي نشبت بين قواتها وبين الجيش الأوكراني، ولم تتجاوز الحصيلة الرسمية، التي أعلنتها روسيا لعدد قتلاها في الحرب 6000 قتيل في سبتمبر 2022، وهو عدد يفتقر إلى المصداقية إذا قِيس بشواهد أخرى تتعارض معه منها إعلان روسيا للتعبئة الجزئية لتعويض الخسائر البشرية في صفوف قواتها في أوكرانيا.
ودفع التعتيم الدائم، الذي تفرضه روسيا على الحصيلة الحقيقية لخسائرها البشرية في الحرب جهات عدة إلى إجراء تقديرات لحجم هذه الحصيلة، ومن بين هذه الجهات موقعي "ميدوزا" و"ميديازونا" الروسيين المستقلين، اللذين أجريا تقييماً إحصائياً لضحايا روسيا في الحرب، بالتعاون مع الخبير الإحصائي ديميتري كوباك من جامعة توبينغن بألمانيا؛ وذلك بالاعتماد على زيادة عدد ملفات الميراث، التي فتحت منذ فبراير 2022.
وخلص التقييم إلى أن قرابة 50 ألف جندي روسي قتلوا في الحرب على الأراضي الأوكرانية، وقال أصحاب التحقيق لموقع "ميدوزا": "إذا أضفنا المقاتلين الذين أصيبوا بجروح خطيرة، ولم يتمكنوا من العودة إلى القتال، فسيصل إجمالي الخسائر البشرية في صفوف المقاتلين الروس إلى 125 ألف جندي على الأقل"؛ ما يعني أن الخمسة عشر شهرًا الأخيرة من القتال العنيف كلّفت روسيا ثلاثة أضعاف الخسائر البشرية، التي تكبدها الاتحاد السوفيتي في عشر سنوات من الحرب في أفغانستان (1979-1989).
وحول المنهية المتبعة في التقييم، أفاد ديميتري كوباك بأن صحفيي موقعي "ميدوزا" و"ميديازونا" تصفحوا أكثر من 11 مليون ملف ميراث منذ العام 2014، ليتوصلوا إلى معدل عدد الوفيات الزائد منذ فبراير 2022، أي بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا، ثم حددوا الحالات لتقتصر على القضايا المتعلقة بالرجال في سن التجنيد، مضيفاً أن إحصاء العدد الزائد للوفيات اعتمد على تقنيات حسابية مؤكدة، سبق وأن استخدمت في تقييم الوفيات الناجمة عن التلوث أو المتعلقة بالكوارث الطبيعية أو مثل ما حدث مؤخرا، للحصول على عدد أكثر دقة لضحايا "كوفيد-19".