هل تمهد تفجيرات "البيجر" لحرب إسرائيلية على لبنان أم هي بديل عنها؟

"نتنياهو" و"حزب الله" يسعيان للبقاء على حافة صراع أوسع
هل تمهد تفجيرات "البيجر" لحرب إسرائيلية على لبنان أم هي بديل عنها؟
تم النشر في

يمثل تفجير أجهزة الاتصال اللاسلكي "البيجر" في أنحاء لبنان، بعد يوم من انفجار عشرات أجهزة النداء المستخدمة من قبل مسؤولي "حزب الله"، ضربة مزدوجة تبرز مدى اختراق إسرائيل لدفاعات الحزب، لكن هل تعد هذه الهجمات مفاجأة تكتيكية لذاتها، أم أنها جزء من استراتيجية أوسع، وإلى أين تقود تلك الاستراتيجية؟ هل هذا تمهيد لحرب شاملة في لبنان، أم بديل عنها؟

انفجرت القنابل الصغيرة في لبنان في وقت تتزايد فيه اللغة الحربية من ائتلاف بنيامين نتنياهو، في اجتماع متأخر ليلة الثلاثاء الماضي، وافق مجلس الوزراء الأمني على توسيع أهداف الحرب المعلنة للبلاد من غزة إلى الشمال، لتشمل هدف تمكين عودة أكثر من 60,000 إسرائيلي نزحوا بسبب التبادلات عبر الحدود مع حزب الله منذ اندلاع النزاع في 7 أكتوبر، والمنطق الأمني في إسرائيل هو أن هؤلاء الناس لا يمكنهم العودة إلى بلداتهم وقراهم الشمالية طالما أن "حزب الله" لا يزال متمركزاً في جنوب لبنان، بين الحدود ونهر الليطاني.

زخم الحرب

أمل إدارة الرئيس جو بايدن والوسطاء الآخرين في المنطقة؛ هو أن وقف إطلاق النار المتفاوض عليه في قطاع غزة سيخفف أيضاً التوترات على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، مما يسمح للإسرائيليين النازحين بالعودة دون مزيد من التصعيد. ومع ذلك، لم يتحقق مثل هذا الوقف لإطلاق النار، بينما اكتسب الحديث عن حرب إسرائيلية جديدة في لبنان زخماً، وقد ورد أن مكتب "نتنياهو" كان يقدم احاطات في الأيام الأخيرة مفادها أن أحد أسباب تفكير رئيس الوزراء في التخلص من وزير الدفاع يوآف غالانت، هو أن تأييد "غالانت" لشن حرب في لبنان قد خفت، وفقاً لصحيفة "الجارديان".

كما هو الحال دائماً مع "نتنياهو"، من الصعب معرفة كم من هذه الحملة الهامسة تتعلق حقاً بالنوايا العسكرية، وكم منها يتعلق بالسياسة الداخلية وحاجة رئيس الوزراء المستمرة للاهتمام بائتلافه للحفاظ على سلطته. إنه يتحدث إلى خليفة "غالانت" المحتمل، جدعون ساعر، زعيم حزب الأمل الجديد، الذي يمكن لأعضائه المساعدة في استقرار وضع الائتلاف.

وبينما هناك مناورات في أروقة الكنيست، هناك علامات قليلة على نشر هجومي مماثل على الحدود اللبنانية. تستمر وحدات جيش الدفاع الإسرائيلي في الانسحاب من غزة للتوجه شمالاً، لكنها منهكة وبأعداد غير كافية لشن هجوم بري.

ويمكن لإسرائيل تكثيف حملتها الجوية في لبنان بشكل كبير، لكن قلة من المراقبين العسكريين يعتقدون أن التهديد الذي يمثله "حزب الله" وترسانته الهائلة من الصواريخ يمكن إضعافه من الجو وحده. كما أن الهجوم البري على أرض "حزب الله" في جنوب لبنان سيكون مكلفاً من حيث الخسائر الإسرائيلية وبالتالي محفوفاً بالمخاطر سياسياً.

نقل المعركة

توفر الأجهزة المتفجرة في لبنان لـ"نتنياهو" فوائد نجاح مذهل وجريء، مظهراً أنه ينقل المعركة إلى العدو في الشمال، مع العلم أن "حزب الله"، وداعميه الإيرانيين، بدوا قلقين لتجنب الانجرار إلى حرب شاملة مع إسرائيل. سعى زعيم "حزب الله"، حسن نصر الله، إلى تضليل أتباعه من خلال المبالغة في نجاح هجوم صاروخي وبالطائرات المسيرة واسع النطاق الشهر الماضي ضد أهداف استراتيجية مثل مقر المخابرات الإسرائيلية، لتخفيف الضغط السياسي الداخلي لإلحاق ضرر أكبر بإسرائيل.

و"نصر الله" الآن تحت ضغط أكبر لتحقيق نجاح مذهل خاص به. ادعت وكالة الأمن الإسرائيلية الشين بيت، هذا الأسبوع أنها أحبطت مخططاً لـ"حزب الله" لاغتيال عضو سابق رفيع المستوى في المؤسسة الأمنية للبلاد. لو نجح مثل هذا المخطط، لكانت المطالب داخل إسرائيل بأن يتعامل جيش الدفاع الإسرائيلي مع تهديد "حزب الله" مرة واحدة وإلى الأبد"قد زادت بشكل كبير.

إنه وضع غير مستقر بطبيعته، يحتاج "حزب الله" للحفاظ على مصداقيته كرأس حربة المقاومة ضد إسرائيل، ويحتاج "نتنياهو" إلى إبقاء إسرائيل في حالة حرب مستمرة لتأجيل تهديد الانتخابات، ومعها خطر سقوطه من السلطة مع تهم الفساد المعلقة في المحاكم. كلاهما يسعى للبقاء على حافة حرب أوسع، دون القدرة بالضرورة على إيقاف الأحداث من اكتساب زخم خاص بها وأخذ المنطقة إلى ما وراء الحافة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org