
أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موجة من القلق بين الأمريكيين بسبب مساعيه لتوسيع سلطاته التنفيذية، عبر قرارات غير مسبوقة مثل نشر قوات عسكرية في المدن لمكافحة الجريمة، والتدخل في الاقتصاد الوطني، وكشف استطلاع رويترز/إبسوس عن رفض واسع لتحركاته التي تتحدى الأعراف السياسية، مع تأييد أغلبية ساحقة لوضع حدود للسلطة الرئاسية. فلماذا تثير هذه الخطوات قلق الأمريكيين؟ وكيف ينظر الأمريكيون إلى تصرفات ترامب؟
وأظهر الاستطلاع، الذي شمل 1084 بالغًا أمريكيًا، تفضيل 90% من الديمقراطيين و70% من الجمهوريين لالتزام الرئيس بأحكام المحاكم الفيدرالية، حتى لو تعارضت مع رؤيته، وهذا الموقف يعكس تمسكًا قويًا بالضوابط الديمقراطية، حيث يرى الجمهور أن التجاوزات التنفيذية تهدد التوازن السياسي، وفي سياق تدخلات ترامب، مثل السيطرة على شرطة واشنطن العاصمة ونشر الحرس الوطني، أبدى 32% فقط من الأمريكيين شعورهم بالأمان مع وجود قوات عسكرية في المدن الكبرى.
وبينما أيد 62% من الجمهوريين فكرة الدوريات العسكرية، تراجع التأييد بين المستقلين إلى 25%، وبين الديمقراطيين إلى 10% فقط، ويشير هذا إلى انقسام حاد حول رؤية ترامب لمكافحة الجريمة، التي يراها الكثيرون بعيدة عن واقعهم اليومي، حيث أفاد 20% فقط من المستطلعين بشعورهم بعدم الأمان بسبب الجريمة، وثلثهم فقط يتجنبون المدن الكبرى خوفًا منها.
ولم تقتصر تحركات ترامب على الجريمة، بل امتدت إلى الاقتصاد، حيث دفع لأخذ حصة حكومية في شركات مثل إنتل، وطالب بحصة من أرباح نفيديا من مبيعاتها في الصين، كما ضغط على الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، وحاول إقالة أحد أعضاء مجلس إدارته، وهذه الخطوات، إلى جانب فرض تعريفات جمركية بدعوى "الطوارئ الوطنية"، قوبلت بانتقادات قانونية وسياسية، و16% من الأمريكيين فقط، بما في ذلك 2% من الديمقراطيين و34% من الجمهوريين، يرون أن منح الرئيس سلطة تحديد أسعار الفائدة أو مواقع التصنيع أمر إيجابي.
ويحتفظ ترامب بتأييد مستقر عند 42%، مدعومًا بتسعة من كل عشرة جمهوريين، لكن هذا التأييد لا يعني قبولًا مطلقًا لتحركاته، ويرى ديفيد هوبكنز، عالم سياسي من كلية بوسطن، أن الأمريكيين لا يعتبرون الجريمة أو الاقتصاد في حالة أزمة تبرر إجراءات غير تقليدية.
وتكشف البيانات عن انخفاض الثقة في الاستثنائية الأمريكية، حيث وافق 29% فقط من المستطلعين على أن "أمريكا أعظم دولة في العالم"، بانخفاض من 38% عام 2017، وتراجعت النسبة بين الديمقراطيين من 26% إلى 12%، وبين الجمهوريين من 59% إلى 55%، وهذا التحول يعكس تصاعد الاستقطاب السياسي، مع ميل الجمهوريين أكثر لمنح ترامب حرية أوسع؛ إذ أبدى 39% استعدادهم للتخلي عن بعض الضوابط مقابل حكومة أسرع، مقابل 17% فقط من المستقلين والديمقراطيين.
فكيف سيؤثر هذا الرفض الشعبي على سياسات ترامب المستقبلية؟ وهل سيتمكن من استعادة ثقة الأغلبية في ظل هذا الانقسام؟