كشف تقرير لمركز الإحصاء الإيراني عن زيادة معدلات التضخم في البلاد خلال شهر نوفمبر لعام 2018 بنِسَب عالية في مؤشر أسعار السلع والخدمات الاستهلاكية؛ إذ أنفقت الأسر الإيرانية 34.9 % أكثر من نوفمبر الماضي لشراء السلع والخدمات نفسها في العام نفسه.
وتفصيلاً، جاء في التقرير زيادة معدل تضخم مجموعة "الأغذية والمشروبات والتبغ"؛ ليصل إلى 50.3 % في نوفمبر الحالي. وبيَّنت الأرقام أن أعلى معدل للتضخم من بين السلع الاستهلاكية هو السجائر بنسبة تضخم 160 % بعد أن ارتفعت أسعارها إلى 63.5 %، فيما بلغ التضخم في مجموعة "السلع والخدمات" نسبة 29 %، وارتفعت أسعار السلع والمواد الغذائية بين 50 % و100 %، وفقًا للأرقام الرسمية.
وأظهرت المؤشرات الارتفاع المطرد لأسعار المواد الغذائية والمشروبات، كزيادة أسعار اللحوم، بما في ذلك الأسماك ولحم الضأن ولحم البقر والفاكهة والمكسرات، وكذلك ارتفاع أسعار منتجات الألبان. كما أكد المركز زيادة مؤشر أسعار المواد غير الغذائية، كالأثاث والأجهزة المنزلية والملابس والأحذية.
ويرى مراقبون أن الوضع الاقتصادي في إيران يتجه نحو الانهيار والإفقار الهائل للسكان؛ إذ ارتفعت الأسعار بعد موجات عدة من الزيادات غير المسبوقة في العملات الأجنبية من جراء الأزمة الاقتصادية الخانقة؛ إذ تضرر الريال الإيراني بشكل كبير. كما قفز عرض النقود بشكل كبير بعد أن استمرت الحكومة في طباعة النقود لتمويل عجز ميزانيتها خلال العام الماضي.
وزادت وسائل الإعلام الإيرانية من تحذيراتها من حين لآخر من أن الاقتصاد يتشابه بشكل متزايد مع اقتصاد فنزويلا، متوقعين أنه يتجه نحو معدل تضخم يتراوح بين 50 و65 %.
وأضافت بأن الأنباء عن ارتفاع التضخم أسهم في تهييج الأسواق؛ ما يدفع باتجاه المزيد من ارتفاع الأسعار ومعدلات تضخم أكبر، وسط مواجهة البنك المركزي الإيراني الواقع الآن تحت العقوبات صعوبات كبيرة في تنفيذ المعاملات المالية حتى داخل البلد، وارتكابه أخطاء جسيمة وسوء تقدير، لعبا دورًا مهمًّا في إدخال الاقتصاد في أزمة.
وعززت الظروف الحالية للسكان من فرضية وقوفهم مع أي تدخل خارجي؛ فقط للتخلص من سوء إدارة "الملالي"، ووقف الأزمة، بعد أن وصلوا إلى قناعة تامة بأن انهيار الاقتصاد الإيراني صنيعة نظام الملالي باتباع سياسات اقتصادية خاطئة، وإصرار الحكومات المتعاقبة عليها لضغوط من جهات مستفيدة من هذه السياسات، كالحرس الثوري، أحد أسباب الفشل الاقتصادي في إيران، الذي يتربع على ما يزيد على 70 في المئة من الأنشطة الاقتصادية في البلاد، وما تتضمنه من ثروات واستثمارات.
ويعمل الحرس الثوري على جني أكبر قدر من الأموال لرصدها في خزانته؛ ليبقى الآمر الناهي في البلاد، وحارسًا يقظًا لنظام الملالي في إيران، ويمد ويدعم أذنابه في الخارج دون النظر إلى أي اعتبار للمصلحة العامة والمواطن؛ إذ أصبح يقيد السياسة الاقتصادية للدولة بقيود تتماشى مع أهدافه الخاصة؛ ما جعل الفساد والاختلاس يتفشيان في البلاد.
واعترف مرشد النظام الإيراني علي خامنئي رسميًّا بتأثير المشكلات الداخلية على اقتصاد البلاد، وذلك في إقرار نادر بدلاً من شماعة العقوبات أو المؤامرات الخارجية التي درج نظام الملالي على ترديدها طوال سنوات، وتعليق أخطائه القاتلة عليها. واعترف خامنئي بأن مشكلات بلاده الاقتصادية ناجمة عن سوء الإدارة داخليًّا، وذلك في سياسة جديدة من النظام لامتصاص غضب الناس بالإدلاء بتصريحات، تتضمن اعترافًا بفساد النظام، لكن دون المبادرة إلى محاسبة حقيقية للفاسدين الذين يشكلون أعمدة أركان النظام.