أنفقت الحكومة التركية بقيادة رجب طيب أردوغان؛ ملايين الدولارات على جماعات الضغط الأمريكية من أجل تبييض وجهها من فضائح الفساد والرشوة التي طفت إلى السطح في عام 2013.
وكشفت دراسة أجراها الكاتب والصحفي الأمريكي المعروف آدم كلاسفيلد؛ أن القوة الناعمة لتركيا أو أنشطة اللوبي شهدت منذ نحو خمس سنوات تطوراً غير مسبوق في الولايات المتحدة، مؤكدة أن جماعات الضغط الأمريكية والجمعيات الخيرية الموالية لـ "إدارة دونالد ترامب" تلقت الملايين من الحكومة التركية والشخصيات المرتبطة بها؛ للقيام بتحسين صورة "أردوغان" في العالم الغربي.
ووفقا لصحيفة "زمان" التركية، أرجعت الدراسة بداية مبادرة الحكومة التركية إلى زيادة أنشطتها الرامية إلى تحسين وتلميع صورتها، إلى عام 2014، مشيرة إلى أن هذا التاريخ ظهرت فيه تسجيلاتٌ صوتية لرئيس الوزراء آنذاك رجب طيب أردوغان؛ وهو يأمر فيها ابنه بلال؛ بإخفاء مليارات الدولارات التي حصل عليها عن طريق غسل أموال سوداء.
ولفتت الدراسة إلى أن التسريبات الصوتية كانت تشير إلى خوف "أردوغان"؛ من قيام شرطة إسطنبول بدهم منازل ومواقع كبار المسؤولين في حزب العدالة والتنمية الحاكم، بعد اعتقال حليف "أردوغان"؛ رضا زراب؛ تاجر الذهب (إيراني الأصل)، بتهمة الفساد والرشوة، وأضافت: "ومع أن الحكومة التركية شكّكت في صحة هذه التسجيلات الصوتية إلا أن تحليلات شركات معنية متخصصة كشفت صحتها".
وأكّدت الدراسة الأمريكية أن ظهور فضائح الفساد والرشوة في عام 2014 شكّل ضربة كبيرة لسمعة وصورة "أردوغان"؛ الذي كانت جماعات الضغط الأمريكية المرتبطة به تقوم بالدعاية لمصلحته مقدمة إياه على أنه زعيم سياسي يجمع في حكومته المعايير الإسلامية والديمقراطية في آن واحد.
وأعادت الدراسة إلى الأذهان أنه بعد ثلاث سنوات من ظهور فضائح الفساد والرشوة، وخروجه من السجن في تركيا بتدخّل من "أردوغان"؛ ألقت السلطات الأمريكية القبض على رضا زراب؛ في أثناء زيارته للولايات المتحدة، وفتحت محكمة اتحادية في نيويورك تحقيقات بحقه بتهمة تأسيس شبكة فساد وغسل أموال دولية من أجل اختراق العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران.
وعلّقت الدراسة بعد ذلك بأن هذا التطور دفع "أردوغان"؛ إلى بذل كل ما في وسعه من أجل الحيلولة دون وصول اتهامات الفساد والرشوة وخرق العقوبات الأمريكية إلى نفسه من خلال ممارسة ضغوط كبيرة بمساعدة من إدارة الرئيس دونالد ترامب؛ ومحاميه رودي جولياني.
وقال كاتب التقرير آدم كلاسفيلد: "درست شركة كورت هاوس نيوز (Courthouse News) قاعدة بيانات جماعات الضغط الخارجية لوزارة العدل بهدف تحديد أكبر خمسة متلقين للأموال المرتبطة بالحكومة التركية بين عامَي 2014 و2018".
وأفاد التقرير المنشور في موقع (Courthouse News) بأن أول خمس مجموعات وشركات اللوبي التي عملت لمصلحة الحكومة التركية هيAmsterdam & Partners, Ballard Partners, Gephardt Group, Greenberg Traurig, Mercury Public Affairs. ، لافتاً إلى أن جميعها ذات علاقات قوية مع إدارة ترامب.
وقالت: "لقد تضاعفت ميزانيات هؤلاء الخمسة، بما في ذلك المقاولون من الباطن، من 1.7 مليون دولار في عام 2014 إلى أكثر من 7.3 مليون دولار في عام 2018، كما تضاعفت ميزانيات الجمعيات الخيرية الموالية لتركيا المرتبطة بكل من أردوغان وترامب خلال هذه الفترة".
وهذا يكشف أن أردوغان؛ أنفق من مال الدولة نحو 6 ملايين دولار، على أقل تقدير، من أجل تلميع صورته بعدما تلطخت عقب ارتكابه جرائم فساد ورشوة مع شريكه الإيراني رضا زراب؛ الذي كشفت الوثائق التي سرّبتها المعارضة التركية في عام 2017، أنه جاسوس يعمل لمصلحة إيران.
وتطرقت الدراسة أيضاً إلى أنشطة نجل أردوغان في الولايات المتحدة، قائلة: "وقد وقّع نجل أردوغان على أوراق تأسيس مؤسسة توركين الخيرية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، بعد بضعة أشهر فقط من ظهور التسجيلات التي كان والده أردوغان يطالبه فيها بإخفاء الأموال عام 2014 والتي أثارت ضجة كبيرة في البلاد".
وأضافت: "بصفتها شركة 501 (c) 3 معفاة من الضرائب، لا يتعين على شركة توركين الإفصاح عن الجهات المانحة، لكنها أبلغت عن تلقيها مساهمة تزيد قيمتها على 24 مليون دولار في السنة المالية التالية".
وأردفت: "أنفقت المؤسسة الخيرية توركين هذه الأموال ببذخ، ودفعت أكثر من 17.5 مليون دولار للمواقع التي تقوم ببناء ناطحة سحاب مؤلفة من 32 طابقاً في وسط مانهاتن، لاستخدامها كسكن للطلاب المسلمين. كما اشترت تلك المؤسسة مزرعة الملاكم الأسطوري محمد علي؛ في ميشيغان، في وقت سابق من هذا العام مقابل 2.5 مليون دولار".
وأشارت إلى أن رسائل البريد الإلكتروني التي تمّ الاستيلاء عليها التي نشرها موقع ويكيليكس أظهرت اهتمام بلال أردوغان؛ بعقار آخر في وسط مانهاتن يبلغ قيمته 25 مليون دولار، كانت إينا بارونوف؛ ممثلة "منظمة ترامب" تعرضها في عام 2013. وقد تُوفيت بارونوف؛ المعروفة باسم "اليد الروسية لترامب" بسبب سرطان الدم بعد عامين.
وفي إطار تعليقه على هذه الدراسة، قال الكاتب والصحفي المخضرم أمره أوسلو؛ الذي كان أستاذًا في الأكاديمية الشرطية سابقاً: "هذه الدراسة تكشف أن الدكتاتور الذي فقد شرعيته في بلاده يسعى لشراء الشرعية في الولايات المتحدة. لكن قيمة شراء الشرعية تتزايد كلما زاد عمر نظام الدكتاتور وظلمه.. هذه هي ملايين الدولارات التي أخذها أردوغان؛ من جيوب المواطنين وأنفقها في سبيل استعادة شرعيته".