بإعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن الصومال دعت تركيا للتنقيب عن النفط في مياهها الإقليمية؛ تكون تركيا قد فتحت ملفًا طالما كان متواريًا في تزاحم الملفات التركية في المنطقة.
فقد ذكرت وسائل الإعلام أن الرئيس التركي تلقى طلبًا من الحكومة الصومالية للتنقيب عن النفط في المياه الإقليمية الصومالية.
وفيما يعيد التواجد التركي في الصومال طرح مخاوف جيوسياسية في منطقة القرن الأفريقي بما فيها تهديد الأمن القومي العربي وما يمكن أن تذهب إليه تطورات المشهد السياسي فيما يبدو أنه محاولة سريعة من أردوغان لامتصاص الصفعة التي تلقاها في مؤتمر برلين بشأن إرسال المرتزقة إلى طرابلس.
الأيادي التركية في الصومال
ووفق ما نقلته "سكاي نيوز"، بدأت العلاقة التركية الصومالية منذ العام 2008 عندما قدمت أنقرة مساعدات إنسانية بقيمة 70 مليون دولار أمريكي كمساعدات في مجالات التعليم والصحة والزراعة.
وفي العام 2011 ظهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع أفراد أسرته في العاصمة الصومالية مقديشو، وبحسب أردوغان فإن الزيارة كانت بغرض لفت أنظار العالم للجفاف الذي كان قد تسبب في أزمة عصفت بالشعب الصومالي.
وبرغم أن الاستثمارات الاقتصادية التركية في منطقة القرن الأفريقي تتركز في إثيوبيا، والتي بلغت 3 مليارات دولار؛ فإن الاستثمارات في الصومال قفزت بسرعة إلى 100 مليون دولار في نهاية العام 2017.
وأبرمت تركيا عقودًا مع الحكومة الصومالية في مختلف المجالات؛ مما أتاح توسع النشاطات التركية في هذا البلد.
القاعدة العسكرية التركية
وفي أكتوبر 2017 أعلنت تركيا عن إنشاء قاعدتها العسكرية الثانية خارج الأراضي التركية، وكانت في الصومال، وتعد القاعدة العسكرية التركية في قطر هي أول قاعدة تم إنشاؤها خارج تركيا.
وكانت عدة عدة تقارير استخباراتية قد تحدّثت أن الأتراك انتهزوا ثغرة في القرارات الأممية المتعلقة بمكافحة القرصنة في القرن الأفريقي، ومنها حصلوا على الاتفاقية العسكرية في الصومال.
تقع القاعدة العسكرية التركية على بُعد كيلومترين فقط جنوب العاصمة الصومالية مقديشو، وتبلغ مساحتها نحو 400 هكتار، وتضم ثلاثة مرافق مختلفة للتدريب، إضافة إلى مخازن للأسلحة والذخيرة، وتبلغ تكلفتها المالية 50 مليون دولار.
حضر افتتاح القاعدة قائد أركان الجيش التركي خلوصي أكار، وتطل القاعدة على خليج عدن.
عدن في عيون أردوغان
مع بداية العام 2011 كشف تنظيم الإخوان عن مخططه عبر ما يسمى "الربيع العربي"، وبرغم التقاطعات حول النفوذ الإقليمي على الشرق الأوسط؛ فإن أردوغان -وعبر حلفائه في اليمن- كان لاعبًا من اللاعبين وإن لم يكن ظاهرًا.
بعد تحرير عدن (أكتوبر 2015) دخل فرع الإخوان اليمني بقوة في محاولة إخضاع المدينة لسيطرتهم عبر أذرعهم الإرهابية (داعش والقاعدة)، وبرغم فشلهم الذريع؛ إلا أن محاولاتهم لا تزال قائمة.
المخطط يقضي بإيجاد منطقة نفوذ على الشريط الساحلي من بحر العرب مرورًا بباب المندب وحتى الحديدة؛ لتتمكن تركيا من السيطرة المطلقة على طرفي المنطقة الجغرافية المتمثلة في القرن الأفريقي والسواحل الجنوبية العربية؛ وبذلك تضع تركيا يدها على باب المندب وجنوب البحر الأحمر.
سواكن.. التحول الحاد
ويرافق ما سبق سقوط نظام عمر البشير في السودان؛ حيث سقطت الاتفاقية التركية الخاصة بميناء "سواكن" على ساحل البحر الأحمر، وبسقوط الاتفاقية حدث خلل في المخطط التركي القاضي بتوسيع النفوذ على البحر الأحمر، مع إمكانية الحصول على فرصة في صفقة قد تحصل مع تسوية سياسية في اليمن تحقق لحلفاء تركيا (حزب التجمع اليمني للإصلاح) تسليم مدينة عدن للرئيس التركي أردوغان.
وبعد أن وجدت تركيا ضغوطًا دولية أفشلت خططها بالتواجد العسكري في العاصمة الليبية طرابلس بعد مؤتمر برلين عاد الرئيس التركي أردوغان إلى الملف الصومالي في سبيل استمرار سياسته بتهديد الأمن القومي العربي.
وفيما يبدو فإن المرحلة القادمة ستحمل ضغوطًا أخرى على أنقرة من الاتحاد الأفريقي الذي لن يقبل بما سيشكله التواجد التركي في شرق إفريقيا من أزمات؛ خاصة وأن الأتراك قد يزداد نشاطهم في المنطقة مما سيفاقم من الأزمات الأفريقية، وقد تتزايد العمليات الإرهابية نتيجة للمنهجية التركية المعتمدة في جزء أساسي منها على نشاط التنظيمات الإرهابية.