بعد أكثر من أسبوعين من القتال الشرس مع فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، اقتحم جيش الاحتلال الإسرائيلي مستشفى الشفاء، أكبر مجمع طبي في غزة، اليوم (الأربعاء)؛ متذرعًا بسعيه لتحرير الرهائن الذين تحتجزهم حركة "حماس"، والعثور على مركز القيادة العسكري الذي "شيدته" "حماس" أسفل المستشفى، وهو زعم تبنّته أمريكا ونفته الحركة، ورغم أن الاحتلال أقرّ بعد ساعات من اقتحامه العنيف لمستشفى الشفاء بعدم عثوره على رهائن، فلا يزال يفرض أوضاعًا صعبة على المرضى والنازحين الذين لجأوا إلى المستشفى، فما أهمية مستشفى الشفاء؟ ومتى شُيد؟
شُيد مستشفى الشفاء عام 1946م، قبل عامين من الانسحاب البريطاني من فلسطين، وظل قائمًا خلال فترة إدارة مصر للقطاع التي استمرت عقدين تقريبًا بعد حرب 1948، وفي عام 1967، استولى الاحتلال الإسرائيلي على غزة، وسيطر على المستشفى ويقع المستشفى، وهو عبارة عن مجمع طبي كبير من المباني والأفنية، على بُعد بضع مئات من الأمتار من ميناء صيد صغير في مدينة غزة، وينحصر بين مخيم الشاطئ للاجئين وحي الرمال.
ونشرت صحيفة "ذا تايمز" اللندنية عام 1971، تقريرًا عن معركة بالأسلحة النارية بين مسلح فلسطيني اختبأ تحت سرير في غرفة الممرضات ودورية للجيش الإسرائيلي كانت تفتش المستشفى، وخلال الأسبوع الأول من الانتفاضة الأولى ضد الاحتلال الإسرائيلي في 1987، أوردت صحيفة "نيويورك تايمز" أنباء عن وقوع مواجهات ألقى خلالها عدة مئات من الفلسطينيين الحجارة على جنود إسرائيليين خارج المستشفى وهم يهتفون: "تعالوا اقتلونا أو ارحلوا!"، وفقًا لـ"فرانس برس".
وفي عام 1994، أدت قوات الأمن التي كانت تسيطر عليها حركة فتح، التحية للعلم الفلسطيني بعد رفعه فوق مستشفى الشفاء، وعندما مُنح الفلسطينيون حكمًا ذاتيًا محدودًا في غزة خلال عملية أوسلو للسلام، وانتقلت السيطرة الفعلية على المستشفى بعد ذلك من السلطة الفلسطينية التي تهيمن عليها "فتح" إلى "حماس"، بعد الفوز المفاجئ الذي حققته الحركة في انتخابات 2006، وبسط نفوذها العسكري على غزة عام 2007.
وزعمت "إسرائيل" منذ اندلاع الحرب في غزة، أن مسلحي "حماس" يختبئون في مناطق تحت مستشفى الشفاء، وهو الأمر ذاته الذي ادّعته خلال حرب 2008-2009 التي قُتل فيها أكثر من 1400 فلسطيني و13 إسرائيليًا، ولم يتسنّ التحقق من هذه الروايات، كما أنها لم تعلن بعد اقتحامها المستشفى اليوم، عثورها على أنفاق تحت المستشفى أو مركز قيادة عسكري، ما يبرهن على أن أهمية مستشفى الشفاء تتمثل في أنها منشأة صحية ضخمة تقدم الرعاية الصحية لآلاف الفلسطينيين وليس لها أهمية عسكرية.