
بدا النظام التركي بقيادة رجب أردوغان مُحاصَراً كما لم يكن من قبل؛ فأنقرة تدفع ثمناً غالياً بسبب تصرفات الديكتاتور الهوجاء التي أكسبت تركيا عداءَ الجميع، وعلى وقْع غليان في الشارع التركي الذي يعاني من الأزمة الاقتصادية، وتجمع ضباب العقوبات الأمريكية في الأفق بسبب شراء أنقرة لمنظومة الدفاع الصاروخية الروسية S400، فتحت الدبلوماسية التركية سجالاً جديداً مع الاتحاد الأوروبي.
وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، واصل سياسة التهديد الأجوف بالحديث عن أن أي محاولة أوروبية لفرض عقوبات على تركيا بشأن عمليات التنقيب عن النفط والغاز شرقي المتوسط؛ ستلقى الرد المناسب. وشدد في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره السويسري إجناسيو كاسيس، في العاصمة أنقرة الجمعة، على ضرورة حماية حقوق القبارصة الأتراك.
رد فعل وتلويح!
وقال جاويش أوغلو، وفي أول رد فعل رسمي على تسريب وكالة "رويترز" لمسودة قرار أوروبي يفرض عقوبات على أنقرة: "إن أي خطوات يمكن أن يتخذها الاتحاد الأوروبي ضدنا لن تجدي نفعاً؛ بل سترتدّ عليه"، بحسب ما نقلت وكالة الأناضول الرسمية. وحذر من أن أي خطوات سيتخذها الاتحاد الأوروبي ضد تركيا من أجل إرضاء رغبات جمهورية قبرص سيلقى الرد المناسب.
ووفق ما نقله أمس الجمعة موقع "عثمانلي" المهتم بالشأن التركي، فقد أشار الوزير التركي إلى أن بلاده مستعدة لرفع مستوى أنشطتها في قبرص دون تردد. وأضاف: "مستعدون لفعل ما يلزم من أجل حماية حقوق الجمهورية التركية وجمهورية شمال قبرص التركية"، ولوّح بأن بلاده يمكن أن تتخذ مزيداً من الإجراءات شرقي المتوسط، "ولا يستطيع أحد منعنا"، وحاول رمي الاتهامات على حكومة قبرص المعترف بها دوليّاً، بزعم أنها تواصل وبإصرار أعمال التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة، دون ضمان حقوق ومشاركة القبارصة الأتراك، رغم تحذيرات تركيا.
تحرك أوروبي
وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي من المقرر أن يجتمعوا الاثنين المقبل في بروكسل، ونشرت وكالة "رويترز" مسودة القرار المتوقع بشأن عقوبات أنقرة، أمس الخميس، والتي تتضمن تجميد مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وإيقاف اتفاقية الطيران، وتقليص القروض، وتعليق المحادثات رفيعة المستوى، وحجز 146 مليون يورو من المساعدات المقدمة إلى أنقرة العام المقبل، بسبب "استمرار عمليات التنقيب غير القانونية عن الغاز، قبالة قبرص".
الاتحاد الأوروبي دان في بيان له، الاثنين الماضي، الانتهاكات التركية لحقوق السيادية لدولة قبرص، وإصرارها على التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط، رغم التحذيرات الدولية، ووصفها بأنها "أمر غير قانوني، ومصدر قلق خطير على المنطقة".
تصعيد تركي
وبعد إعلان تركيا وصولَ سفينة ثانية إلى ساحل كاراباز بشرق المتوسط، واستعدادها للتنقيب عن النفط والغاز في المنطقة التي تتبع قبرص؛ قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، في بيان لها، الاثنين: إن الاتحاد سيرد بالشكل المناسب على هذه الانتهاكات، وأنه متضامن تماماً مع قبرص.
الاثنين الماضي، رست السفينة التركية "يافوز" بالقرب من سواحل قبرص الشمالية، التي تعتبرها تركيا تابعةً لجمهورية شمال قبرص التركية، غير المعترف بها دوليّاً، فيما تعتبر قبرص تلك المياه منطقتها الاقتصادية الخالصة.
"يافوز" هي السفينة الثانية التي تجري عمليات تنقيب في تلك المنطقة، بعد السفينة "فاتح" التي تم إرسالها 20 يونيو الماضي للتنقيب في مياه المنطقة الاقتصادية الخالصة القبرصية.