28 دولة تطالب بإنهاء حرب غزة.. متى تترجم مواقفها إلى عقوبات فاعلة تجبر إسرائيل على وقف المأساة؟

تل أبيب اعتادت على تجاهل كل الدعوات والإدانات اللفظية
28 دولة تطالب بإنهاء حرب غزة.. متى تترجم مواقفها إلى عقوبات فاعلة تجبر إسرائيل على وقف المأساة؟
تم النشر في

تتزايد الدعوات الدولية المطالبة بوقف الحرب المدمرة على غزة، ففي تطور مهم لافت، أعلنت 28 دولة، أبرزها بريطانيا واليابان ومجموعة من الدول الأوروبية، في بيان مشترك صارم أن "الحرب في غزة يجب أن تنتهي الآن"، وهذا الموقف، الذي جاء على لسان وزراء خارجية تلك الدول، يعكس تصاعدًا في لغة التوبيخ الدبلوماسي لإسرائيل، في ظل تعمّق عزلتها الدولية وتفاقم الأزمة الإنسانية غير المسبوقة في القطاع المحاصر، ويواكب البيان تكشف فظائع القتل اليومي للمدنيين وتجويعهم، وتتجاهل إسرائيل، كعادتها، المناشدات المتكررة لوقف آلتها العسكرية، لذلك بالسؤال الملّح الآن: هل تترجم هذه الإدانات اللفظية إلى ضغوط حقيقية وعقوبات فاعلة تجبر إسرائيل على وقف سحق الشعب الفلسطيني؟

معاناة المدنيين

وتندرج هذه الدعوات الصارخة ضمن سياق إنساني مأساوي، حيث أكد وزراء الخارجية، بمن فيهم ممثلون عن أستراليا وكندا، أن "معاناة المدنيين في غزة بلغت مستويات جديدة من العمق"، ولم يكتف البيان بالتعبير عن القلق، بل أدان بشدة "التغذية البطيئة للمساعدات والقتل غير الإنساني للمدنيين، بمن فيهم الأطفال، الذين يسعون لتلبية احتياجاتهم الأساسية من الماء والغذاء"، وهذا التدهور لم يأتِ من فراغ، فالأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة في غزة ومكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تكشف عن واقع مرير، مشيرة إلى قتل إسرائيل لأكثر من 800 فلسطيني مؤخرًا أثناء سعيهم للحصول على المساعدات، وهو ما وصفه البيان بـ "المروع".

وأشار التقرير بوضوح إلى أن "نموذج الحكومة الإسرائيلية لتوصيل المساعدات خطير، ويغذي عدم الاستقرار، ويحرم سكان غزة من الكرامة الإنسانية"، وهذه العبارة تحمل في طياتها اتهامًا مباشرًا لسياسات الاحتلال التي تعيق وصول المساعدات الضرورية، وجاء التأكيد على أن "رفض الحكومة الإسرائيلية تقديم المساعدات الإنسانية الأساسية للسكان المدنيين غير مقبول"، مع الإشارة إلى ضرورة امتثال إسرائيل لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، وهذه النبرة التحليلية تُسلط الضوء على عمق الأزمة القانونية والأخلاقية التي تواجهها إسرائيل في تعاملها مع الوضع الإنساني.

عقوبات ضرورية

وتتجلى الفكرة المحورية للتقرير في أن مجرد الإدانة اللفظية لم تعد كافية في ظل إمعان إسرائيل في عدوانها، فلقد اعتادت تل أبيب تجاهل المطالبات الدولية بوقف الحرب، مدعية أنها تتصرف وفقًا للقانون الدولي، وتلقي باللوم في سقوط المدنيين على حماس، وهذا التجاهل المستمر يدعو إلى تساؤل: ما الفائدة من البيانات المشتركة إذا لم تُترجم إلى أفعال؟ يجب على الدول الـ 28 التي أعربت عن رفضها لاستمرار الحرب أن تحوّل هذا الرفض إلى ضغوط حقيقية، تتمثل في فرض عقوبات اقتصادية وسياسية، وتعليق الاتفاقيات الثنائية، والضغط في المحافل الدولية، لإجبار إسرائيل على وقف آلة الدمار التي تسحق المدنيين الفلسطينيين.

ويؤكد البيان المشترك على ضرورة وقف فوري لإطلاق النار، مشيرًا إلى استعداد الدول لاتخاذ إجراءات لدعم مسار سياسي يفضي إلى سلام دائم في المنطقة، وعلى الرغم من استمرار محادثات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، لا يبدو أن هناك اختراقًا وشيكًا، ويبقى السؤال حول ما إذا كانت أي هدنة محتملة ستؤدي إلى وقف دائم للحرب. في هذا السياق، أكد وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، أن "لا حل عسكريًا"، مشددًا على أن "وقف إطلاق النار القادم يجب أن يكون الأخير". كما وصف وزير الشؤون الداخلية الأسترالي، توني بيرك، صور الدمار والقتل في غزة بأنها "لا يمكن الدفاع عنها".

وهذه المواقف يجب أن تُتوج بخطوات عملية، فالتجاهل الإسرائيلي المستمر يدفع إلى التفكير في آليات جديدة للضغط، فمتى سيتجاوز المجتمع الدولي مرحلة بيانات الإدانة وينتقل إلى مرحلة فرض العقوبات الحقيقية على إسرائيل لوقف هذه المأساة؟

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org