قصة "حكام قطر المتديّنين".. هذا ما تفعله "أموال تميم ورفاقه" في ملاهي باريس!

جرائم شرعية وصفقات مشبوهة مصدر ثروات عززها "صندوق حمد" وبيانات مالية مفقودة
قصة "حكام قطر المتديّنين".. هذا ما تفعله "أموال تميم ورفاقه" في ملاهي باريس!
تم النشر في

بأموال تداخلت فيها شبهات القمار والخمور، مدّد رموز الحكم في قطر ثرواتهم، فالدولة الخليجية التي طالما صرح مسؤولوها بأنها دولة دينية، وتتبع المذهب الوهابي، وتحتضن المنظمات الإسلامية، هي نفسها التي تتداخل في شركات الخمور استثماراً، وتستثمر في الملاهي؛ وذلك وفق ما تشير إليه مواقع رسمية قطرية وتقارير إخبارية موثقة نشرتها وكالات أنباء دولية، عن أموال أسرة الحكم في قطر "تميم ورفاقه".

دولة التناقضات

حكام الإمارة المتقلبة في تحالفاتها وتحركاتها التي تعتمد على مرتزقة مشبوهين، باتوا محل تندّر من قبل دول العالم، فهم يحتضنون حركة "حماس"، ولديها علاقات علنية مع "إسرائيل"، ويحتضنون طالبان، ولديهم أكبر قاعدة أمريكية، ويدّعون أنهم دولة خليجية، ويرتبطون بعلاقات ضخمة مع إيران!

مسموح بالكحول

وتكشف معلومات ترويجية نشرها موقع "الحياة" في قطر الذي يحظى بدعم من البنك التجاري القطري، أن "الكحول لا يُعتبر ممنوعاً بالمطلق من الناحية القانونية في قطر، إلا أن بيعه واستهلاكه يخضع لضوابط".

ويضيف الإعلان الترويجي: "الكحول ليست ممنوعة بالمطلق في قطر؛ إذ يتوفر في مطاعم وفنادق مرخصة يحق لها بيع الكحول إلى العملاء البالغين من غير المسلمين، ويجب على المقيمين إظهار بطاقاتهم الشخصية القطرية؛ لكي يحصلوا على إذن الدخول إلى إحدى هذه المناطق المرخصة".

ولحوم الخنزير

كما يحق للمقيمين في قطر من غير المسلمين شراء الكحول؛ حيث تُعتبر شركة قطر للتوزيع المستورد والتاجر الحصري للكحول في الدولة، وهي شركة يملكها الطيران القطري، وتحتكر الترخيص الحصري لبيع الكحول ولحوم الخنزير، وتكون أسعار الكحول فيها أقل بكثير من أسعار السوق غير الشرعية أو البارات.

أسعار منافسة!

فسعر صندوق البيرة من نوع Carlosberg يمكن شراؤه بـ 37 دولاراً من المؤسسة، في الوقت الذي يشتريه الشارب نفسه بـ 50 دولاراً تقريباً من البائع، وقنينة الويسكي من نوع Dimple يمكن شراؤها بـ 80 دولاراً، ولتر عرق كسارة اللبناني بـ 45 دولاراً، وأرخص أنواع النبيذ في المؤسسة إطلاقاً يفوق 30 دولاراً.

استثمار المراقص!

الأمر لم يقتصر على البيع، بل إن ما كشفته تقارير إعلامية تؤكد أن قطر تستثمر أموالها في كل شيء حتى بيع الخمور والقمار في الداخل وفي الخارج، ومن خلال ممتلكاتها في باريس، كما أن الاستثمار في القمار والخمور والمراقص ساعد على مدى سنوات في تعزيز المحفظة المالية لقطر، واعتبرته أحد مصادر إمبراطورية قطر المالية في فرنسا المعفاة من الضرائب.

الإباحة علناً!

كما تدرس قطر الآن أن تكون الخمور في العلن، بإباحتها داخل الدولة، وخاصة أثناء إقامة كأس العالم؛ لإتاحة المتعة لرواد قطر من الغرب أثناء إقامة المباريات.

غير مشروعة

والأمر أيضاً لا يتوقف على تجارة الخمور، فقطر تستثمر أموالها بطرق غير مشروعة من خلال إمبراطورية عقارية معفاة من الضرائب، تتمدد بسرعة لتستحوذ على مراكز للتسوق والترفيه في فرنسا، وذلك بحسب تقرير عن استثمارات قطر نشرته "ميدل إيست أونلاين".

ملك الأسرة!

ويقول ليونيل لوران عن الممتلكات القطرية في فرنسا: "يجتذب الشانزلزيه ملايين السياح في كل عام؛ ليستمتعوا بالشراء في مركز التسوق إليزيه 26 ولعب البوكر في نادي الطيران والسيارات الفارهة وعمارة المستقبل في معرض سيتروين أو فتيات الاستعراض بأجسادهن العارية إلا من الريش في ملهى ليدو، وتلك الممتلكات لا يملكها الفرنسيون، إنها مملوكة للأسرة الحاكمة في قطر الغنية بالموارد الطبيعية، والتي تبعد نحو خمسة آلاف كيلومتر".

تعزيز المحفظة!

ويذكر "لوران"، في تقريره، امتعاض بعض المسلمين لفكرة الاستثمار في القمار والخمور والمراقص؛ لكن تلك العقارات ساعدت على مدى سنوات في تعزيز المحفظة العالمية لقطر من الأصول المميزة؛ مثل متجر هارودز في لندن، وفندق رافلز في سنغافورة، وكانت أحدث إضافة فرنسية في سلسلة مراكز تسوق فاخرة تحت علامة برنتون اشتراها صندوق يسيطر عليه أعضاء بالأسرة الحاكمة مقابل 1.7 مليار يورو (2.23 مليار دولار).

أمر مثير للجدل

وتم توقيع المعاهدة مع الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي عام 2008، وكانت من أفضل ما حصلت عليه قطر، وتم إعفاء المستثمرين القطريين من دفع الضرائب على أرباحهم من بيع العقارات، وهو ما تقول جمعية آبي بيير الخيرية: "إنه أمر مثير للجدل في بلد يعاني سكانه من انعدام السكن اللائق".

وتقول الحكومة الفرنسية إنها تفحص المعاهدة، لكن مسؤولاً في وزارة المالية الفرنسية أبلغ أنه لا يشترط الإعلان عن مشتريات قطر، وبالتالي من المستحيل تقدير حجم الضرائب.

رصد الأصول

كما أن هناك وثائق قضائية وبيانات تلقي مزيداً من الضوء على الأصول العقارية لقطر في فرنسا، فقد رصد "لوران" نحو 40 عقاراً في فرنسا يملكها قطريون باستثمار إجمالي 5.9 مليارات يورو (7.8 مليارات دولار) على مدى العشر سنوات الأخيرة؛ منها 4.8 مليارات يورو منذ 2008. وبالأسعار الحالية تبلغ قيمتها نحو 6.3 مليارات يورو.

صندوق "حمد"

وتملك الدولة القطرية وصندوقها السيادي نحو عشرة عقارات قيمتها معاً نحو ثلاثة مليارات يورو، والباقي تعود ملكيته إلى أعضاء في أسرة آل ثاني الحاكمة، ويسيطر صندوق شخصي أقامه الأمير السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني على تسعة منها؛ بينما يملك أولاده بمن فيهم الأمير السابق لقطر حمد ستة عقارات، والباقي اشتراه إما أقارب أو رجال أعمال تربطهم علاقات وثيقة بآل ثاني مثل غانم بن سعد آل سعد.

وتعود ملكية كل عقار إلى شركة قابضة مملوكة بدورها لكيان أو أكثر بعضها خارج فرنسا، ويجعل هذا من الصعب تتبع انتقال ملكيتها لمعرفة حجم الضرائب التي كانت ستحصل عليها فرنسا من الصفقة.

غاز وأجور!

وتفيد حسابات الخبراء بأنه دون المعاهدة وبأسعار نهاية 2012 كانت حكومة فرنسا ستجمع ضرائب قدرها 145 مليون يورو على الأقل إذا بيعت المحفظة بالكامل، وعلى أساس أقل شريحة ضريبية، وهذا أقل من دخل تصدير الغاز القطري في يوم واحد، لكنه في فرنسا يعادل أجر عام قبل حساب الضرائب لعدد 4500 من المدرسين أو العاملين في التمريض.

أسئلة بلا إجابات

ولم تردّ السلطات القطرية ولا الصندوق السيادي شركة الديار القطرية على أسئلة أرسلت إليهم، كذلك لم تردّ شادية كلوت التي تتولى شركتها للإدارة العقارية الاستثمارات المباشرة لآل ثاني.

إثارة الاستياء

ويقول الأستاذ في معهد باريس للدراسات السياسية جيل كيبيل: إن المكاسب المالية لقطر تبرز كيف اكتسبت الدولة نفوذاً بالإنفاق من ثروتها، لكنها أوقدت شرارة خلافات أيضاً، وأضاف "كيبيل": "انتهجت قطر استراتيجية للاستثمار بأقصى سرعة في فرنسا، تبلورت إبان حكم ساركوزي، لكن هذا أدى إلى إثارة الاستياء".

نشاط عقاري

وينشط القطريون على نحو خاص منذ إبرام الاتفاق، فقد اشترى أعضاء بالأسرة الحاكمة في قطر عشرات العقارات من متجر فيرجن الرئيسي إلى فندق مارتينيز في كان، ومن نادي باريس سان جيرمان لكرة القدم إلى أراضٍ زراعية في نورماندي.

وقال فيليب شيفالييه مدير شركة الوساطة العقارية الفرنسية إميل جارسان: "بفضل تلك المزايا الضريبية، القطريون هم الوحيدون الذين يشترون العقارات الفرنسية حالياً، لو أن الأمر بيدي لأيّدت تقديم مزيد من تلك المزايا".

بلا ضرائب

وتعفي المعاهدة الكيانات المملوكة لدولة قطر من ضريبة الأرباح الرأسمالية، والتي لا تقل عن 34.4% عن أي أرباح من بيع عقارات فرنسية سواء مملوكة ملكية مباشرة أو عن طريق شركات تابعة، ويستفيد المستثمرون القطريون من القطاع الخاص من الإعفاء، بشرط أن يحتفظوا بالعقار ضمن شركة استثمارية تملك أصولاً غير عقارية بنسبة 20%، وتسري المعاهدة على كل المشتريات المنفذة منذ يناير 2007.

ارتفاع ومحاباة

ولعوامل منها المستثمرون القطريون ارتفعت أسعار العقارات الفاخرة في باريس نحو 14% منذ 2008 حسب ما تفيد بيانات لأغلى شريحة عقارية ترصدها شركة إنفستمنت بروبرتي داتابنك، فعلى مرمى حجر من الشانزلزيه يقف فندق بيننسيولا المهيب شاهداً على أن المعاهدة وهي تحديث لاتفاقية سابقة تعود إلى عام 1990 تحابي المستثمرين القطريين.

انتقال ملكية

وتختفي واجهة الفندق الذي يعد بمستوى جديد من التميز في سوق الفنادق الفاخرة، بعد أن كان مركز أعمال مملوكاً للدولة الفرنسية التي جمعت 460 مليون يورو عندما باعته إلى بنك قطري في 2007، وانتقلت ملكية العقار لاحقاً إلى صندوق سيادي قطري تتركز أعماله على الفنادق.

منزل "محمد" و"أحمد"

إحدى الشركات العقارية في باريس تدعى "زبارة" تأسست عام 2009 على يد محمد أحمد علي جاسم آل ثاني، وهو مستشار لوزارة الخارجية القطرية، وتركي أحمد علي جاسم آل ثاني، وصفته مواطن قطري، وتظهر السجلات أن الشركة استخدمت لشراء منزل من ست غرف نوم قيمته 1.2 مليون يورو قرب منتجع أنسي في جبال الألب، وهو مزود بحوض استحمام بالماء الساخن في الهواء الطلق، وبعد عشرة أشهر باع "محمد" كل حصته البالغة 40% في الشركة إلى "تركي"، والشركة غير ملزمة بتقديم بيانات مالية سنوية، لذا فالمعاملة الضريبية غير واضحة.

"ماكرون": سأضع حداً

المعاملات القطرية المشبوهة أجبرت الرئيس الفرنسي الحالي "ماكرون" بالتصريح في حملته الإنتخابية ضد قطر، والذي تبوأ سابقاً منصب وزير الاقتصاد؛ حيث قال لقناة "BFMTV": في حال فوزي "سأضع حداً للاتفاقيات التي تفضّل قطر، أظن أنه كان هناك الكثير من الكياسة خلال العهدة الرئاسية لنيكولا ساركوزي بالخصوص".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org