تعيش القيادتان السياسية والعسكرية الإسرائيلية في الآونة الأخيرة في حالة خوف وترقب خشية أن تصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال ووزير الدفاع رئيس أركان الجيش بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة.
وتوقعت وسائل إعلام عبرية أن تصدر المحكمة التي تقع في لاهاي في هولندا مذكرات اعتقال بحق قادة الاحتلال الضالعين في الحرب الإجرامية الغاشمة التي تشنها تل أبيب ضد قطاع غزة وسكانه البالغ عددهم نحو مليونَي فلسطيني.
وأفضى العدوان الإسرائيلي المستمر عن استشهاد ما يزيد على 35 ألفًا، معظمهم من الأطفال والنساء، فضلاً عن إصابة وجرح عشرات الآلاف من السكان المدنيين العزل، وهو الرقم القابل للزيادة؛ الأمر الذي أثار حفيظة الكثير من المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية حول العالم، ووُصف بجرائم حرب وإبادة جماعية؛ ما حدا بجنوب إفريقيا إلى تقديم مذكرة ضد الاحتلال الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية قبل أشهُر قليلة.
وأجرت تل أبيب نقاشًا عاجلاً وجديًّا، جرى في مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حول المخاوف من احتمالية إصدار مذكرات اعتقال بحقه، وحق قادة آخرين، حسبما نقلته هيئة البث الإسرائيلية.
فيما نقلت صحيفة "هآرتس" عن مسؤولين إسرائيليين توقعهم صدور مذكرات الاعتقال خلال الأسبوع الجاري، فيما يجري العمل بالتنسيق مع الولايات المتحدة وحلفاء غربيين لمنع إصدارها، على حد قول الصحيفة العبرية.
وعلق رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان على التكهنات بشأن الملاحقة الدولية قائلاً في بيان: "تحت قيادتي لن تقبل إسرائيل أبدًا أي محاولة من جانب المحكمة الجنائية الدولية لتقويض حقها الأصيل في الدفاع عن النفس". مضيفًا: "على الرغم من أن المحكمة الجنائية الدولية لن تؤثر على تصرفات إسرائيل إلا أنها ستشكل سابقة خطيرة تهدد الجنود والمسؤولين في جميع الديمقراطيات التي تحارب الإرهاب الوحشي والعدوان الغاشم".
وعلى الرغم من تقليل "نتنياهو" من أهمية الملاحقة الدولية من قِبل "الجنائية الدولية"، وعدم تأثيرها على عدوانه على غزة، إلا أن الهلع الذي تعيشه تل أبيب انعكس سريعًا في تحركاتها؛ إذ أعرب رئيس وزراء الاحتلال عن قلقه البالغ من الملاحقة الدولية في اتصال تليفوني بالرئيس الأمريكي جو بايدن، وطالبه بالمساعدة في منع المحكمة الجنائية الدولية من إصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين كبار، حسبما قال مسؤولان إسرائيليان لموقع "أكسيوس" الأمريكي.
وتحسبًا لتطور الموقف أصدرت تل أبيب تعليمات لسفاراتها حول العالم بالاستعداد لرد عنيف، واتهامات بمعاداة السامية إذا أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد كبار قادة الاحتلال.
وقال مسؤولون أمريكيون إنه ليس لديهم مؤشر واضح عما إذا كانت المحكمة الجنائية الدولية ستصدر أوامر اعتقال، لكنهم قالوا إن مكتب المدعي العام يتعرض لضغوط من المنظمات غير الحكومية والعديد من الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية للقيام بذلك.
ودافعت واشنطن عن حليفتها؛ إذ عارضت قيام "المحكمة" بالتحقيق في الممارسات الإسرائيلية الإجرامية في غزة، ولافتة إلى أن "المحكمة" ليست جهة اختصاص فيما يدور في القطاع الجريح.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان - بيار في إحاطة إعلامية إن موقف الولايات المتحدة: "بغاية الوضوح فيما يتعلق بتحقيق المحكمة الجنائية الدولية. نحن لا نؤيده، ولا نعتقد أنه من اختصاصها".
وتقع المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في هولندا، وتختص بالنظر في قضايا جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، إضافة إلى جرائم العدوان. ويفسر النظام الأساسي للمحكمة تلك الجرائم بأنها الأشد خطورة، وموضع اهتمام المجتمع الدولي بأسره.