بعد إعلان زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، اعتزاله نهائيًّا العمل السياسي على وقع أزمة سياسية حادة، يشهدها العراق، توجَّه أنصاره عصر اليوم الاثنين إلى المنطقة الخضراء المحصنة في العاصمة بغداد، واقتحموا القصر الرئاسي؛ ما دفع الأمن إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، والسيطرة مجددًا على المقر، وفقًا لـ"العربية نت".
وتفصيلاً، عمد مسلحون من الحشد الشعبي إلى إطلاق الرصاص الحي، والاشتباك مع المتظاهرين؛ وقُتل 12 متظاهرًا بالرصاص، وأُصيب 85 آخرون بالمنطقة الخضراء في بغداد.
وأفاد مراسل "العربية" بمقتل جنديَّيْن من الجيش العراقي، وإصابة رئيس أركان قيادة الشرطة الاتحادية في اشتباكات داخل المنطقة الخضراء.
وتحدَّث إعلام التيار الصدري عن مقتل القيادي في سرايا السلام، عقيل جوحي، باشتباكات بغداد.
وتم استخدام قاذفات "آر بي جي" في الاشتباكات الجارية بالمنطقة الخضراء ببغداد. وذكرت مصادر "العربية" سقوط صواريخ قرب القصر الحكومي بالمنطقة.
وبيَّنت المصادر أن هجومًا طال مقرًّا تابعًا للحشد الشعبي في منطقة شارع فلسطين ببغداد، فيما أظهرت صور متداوَلة إطلاق نار على مقر سرايا السلام التابع للصدر في البصرة. كما أفادت أنباء باستهداف مقر ميليشيا حزب الله العراقي في المدينة.
وأظهر فيديو آخر متداوَل اشتباكات مسلحة بين أنصار التيار الصدري ومسلحي الحشد في البصرة، فيما أعلنت المصادر هجومًا بالأسلحة الرشاشة، استهدف مقر تنظيم العصائب في البصرة.
وكانت قيادة العمليات المشتركة قد أعلنت حظر تجوُّل شاملاً في عموم البلاد، بدءًا من الساعة السابعة مساء بالتوقيت المحلي، بعد أن كان مقتصرًا في وقت سابق على بغداد فقط.
وأتى هذا القرار فيما استمر توافُد أنصار الصدر الحانقين إلى العاصمة وسط وقوع اشتباكات مع مسلحين من الحشد، الذين أطلقوا الرصاص الحي؛ ما أدى إلى وقوع إصابات بين المحتجين، بحسب ما أفادت رويترز.
وبالتزامن، أعلنت مدينة الصدر الاستنفار، فيما خرج أيضًا عدد من الصدريين إلى الشوارع في البصرة، وذي قار، وميسان، جنوب البلاد، وسط توقعات بأن تلتحق بها أيضًا محافظات جنوبية أخرى.
ومن جهته، وجَّه رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، اليوم الاثنين بمنع استخدام الرصاص وإطلاق النار على المتظاهرين من أي طرف أمني أو عسكري أو مسلح "منعًا باتًّا".
وقال الكاظمي في بيان نشره مكتبه الإعلامي: "قواتنا الأمنية مسؤولة عن حماية المتظاهرين، وأي مخالفة للتعليمات ستكون أمام المساءلة القانونية". داعيًا جميع العراقيين إلى الالتزام بقرار حظر التجول.
وأشار رئيس الوزراء العراقي إلى فتح تحقيق عاجل بشأن الأحداث في المنطقة الخضراء بالعاصمة بغداد، ومصادر إطلاق النار "وتحديد المقصرين، ومحاسبتهم وفق القانون".
وفي وقت سابق اليوم جدَّد رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، دعوته للمتظاهرين إلى الانسحاب الفوري من المنطقة الخضراء، وذلك خلال اجتماع طارئ عقده اليوم بالقيادات الأمنية بمقر العمليات المشتركة؛ لمناقشة الأحداث الأخيرة، ودخول المتظاهرين المؤسسات الحكومية.
وأفادت مصادر "العربية" بإصابة عشرات المتظاهرين بعد إطلاق الرصاص الحي من قِبل عناصر الحشد، والقنابل الدخانية أيضًا، فيما اشتبك بعض مؤيدي الصدر مع المسلحين.
وفي مدينة الصدر أُعلن التضامن التام مع الزعيم الصدري والنفير العام، وسط توقعات بأن تشهد مناطق أخرى أيضًا خلال الساعات المقبلة خروج عدد من التظاهرات أيضًا، ولاسيما في المحافظات الجنوبية، كواسط وميسان وذي قار والبصرة وغيرها، حيث يحظى بتأييد واسع. علمًا بأن محتجين خرجوا في البصرة، وأغلقوا عددًا من الطرقات بالإطارات المشتعلة.
كما دخل مؤيدو الصدر مبنى محافظة ذي قار، وسيطروا عليه. كذلك سيطروا على مبنى المحكمة في ميسان، فيما رجح بعض المراقبين أن تشهد البلاد نوعًا من العصيان المدني.
وجاءت تلك التطورات بعدما أوضح الصدر في تغريدة على حسابه في تويتر اليوم الاثنين أنه قرر الاعتزال نهائيًّا، وغلق المؤسسات كافة الخاصة بتياره عدا المرقد والمتحف وهيئة التراث.
كما ألمح إلى أن حياته قد تكون مهددة بسبب مشروعه الإصلاحي، مطالبًا أنصاره بالدعاء له في حال مات أو قُتل.
وأعلنت اللجنة التنفيذية لاعتصامات التيار الصدري انتهاء سيطرتها على تظاهرات الشارع؛ ما يفتح المشهد العراقي على الاحتمالات كافة.
ومنع مكتب الصدر أنصاره من رفع الأعلام والشعارات والهتافات السياسية، أو الحديث باسم التيار في وسائل الإعلام ومنصات التواصل، مغلقًا جميع الحسابات.
يُشار إلى أن خطوة الاعتزال هذه تأتي في وقت حساس في البلاد، ولاسيما أن الأزمة السياسية المستمرة منذ الانتخابات النيابية الماضية التي جرت في العاشر من أكتوبر (2021) تفاقمت في يوليو الماضي (2022) مع احتدام الخلاف بين التيار الصدري والإطار الذي يضم نوري المالكي، وتحالف الفتح، وفصائل وأحزابًا موالية لإيران.