أكد عدد من الخبراء والأساتذة الجامعيين والمهتمين بالقانون الدولي الإنساني في المنطقة العربية، أن الاعتداءات الإسرائيلية الوحشية السافرة على قطاع غزة، تُعَد جريمة حرب متكاملة الأركان تُنافي كل القوانين والاتفاقيات والأعراف الدولية، وتوافقت آراؤهم على أهمية كشف انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي للقانون الدولي الإنساني في غزة؛ مطالبين المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته الكاملة في وضع حد لهذه الانتهاكات.
وشدد الخبراء -في لقاء عن بُعد- نظّمه المركز العربي للقانون الدولي الإنساني في المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر لأعضاء قاعدة بيانات القانون الدولي الإنساني للمركز العربي للقانون الدولي الإنساني، على ضرورة تطبيق مبادئ القانون الدولي الإنساني، ونشر دورية متخصصة تُعنى بالتعريف بالقانون الدولي الإنساني ونشره والترويج له وخدمة قضايا المنطقة العربية في هذا المجال.
وأشاروا إلى ضرورة توثيق الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين منذ بداية 1948م وحتى الآن، ونشرها باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية، وتأسيس منظومة عربية قانونية متكاملة تعمل على مواجهة الأوضاع الإنسانية المأساوية الصعبة الناتجة عن النزاعات المسلحة في عدد من دول المنطقة ومنها فلسطين، ومرورًا بليبيا والعراق وسوريا، وتوفير منظومة قانونية شاملة توضع تحت تصرف الجهات المختصة من أجل تقديمها أمام المحكمة الجنائية الدولية لمواجهة جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة؛ مطالبين بإقامة محكمة جنائية مستقلة في المنطقة العربية، واستغلال أي فرص متاحة للتنديد بالجرائم الوحشية التي ترتكبها إسرائيل، وكشف خروقات القانون الدولي الإنساني؛ ومن هذه الفرص اللقاء السنوي للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر في جنيف، والاجتماع الدولي السنوي للجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، والمؤتمر الإقليمي لآسيا والمؤتمر الدبلوماسي في 2024م، وغير ذلك من المؤتمرات الدولية.
وكان مستشار الأمين العامة للمنظمة العربية الدكتور عبدالله بن محمد الهزاع، قد افتتح اللقاء بكلمة نيابة عن الأمين العام الدكتور صالح بن حمد التويجري رحّب فيها بالحضور؛ وقال: نشكر لكم حضوركم وتواجدكم معنا في هذا اللقاء المبارك، ونؤكد أنكم سند قوي للمركز العربي للقانون الدولي الإنساني، ونتطلع إلى ما تطرحونه من آراء وأفكار تدعم الحقوق العربية في أي مكان خاصة في أماكن النزاعات المسلحة والتي من أشدها الاعتداءات الإسرائيلية المتوحشة على الفلسطينيين في قطاع غزة، ونشير هنا إلى أنه ليس من حاجة إلى التأكيد على أن القانون الدولي الإنساني أصبح مطلبًا أساسيًّا وليس ترفًا ثقافيًّا؛ وبالتالي علينا جميعًا كمتخصصين وغير متخصصين أن نسعى إلى تأصيل ثقافة القانون الدولي الإنساني الذي يشكل القوة الناعمة؛ وكما أن السلاح هو لحماية المجتمعات؛ كذلك فإن القانون الدولي الإنساني هو أيضًا لحماية المجتمعات كقوة ناعمة ومؤثرة سواء على مستوى متخذي القرار أو حتى بين أفراد المجتمع الذين عليهم أن يفهموا حقوقهم في مجال القانون الدولي الإنساني.
وأضاف: غني عن القول أن أصل القانون الدولي الإنساني ونشأته من ديننا الإسلامي ففي القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة آيات أحاديث كثيرة تؤصل أو أصلت مبادئ القانون الدولي الإنساني؛ مضيفًا: نحن علينا كأمة عربية وإسلامية أن نسعى فعلًا إلى تأصيل مبادئ هذا القانون وتطبيقها؛ ونحن في عقيدتنا مطبقون لهذا القانون، ونناشد المجتمع الدولي أن يلتزم أيضًا بمبادئه، ونعول على المشاركين في هذا اللقاء بآمال كبيرة لتعزيز مبادئ القانون الدولي الإنساني والدفاع عن حقوق الأمة في أي مكان تتعرض لانتهاكات القانون الدولي الإنساني؛ مشيرًا إلى أن الآراء والمقترحات المطروحة في هذا اللقاء ستطرح في اجتماع اللجنة التنفيذية في القاهرة يوم غد الخميس 19 أكتوبر 2023م والمخصصة موضوعاته للاعتداءات الإسرائيلية على غزة.
من جهته استعرض بشير بوزيان الرحماني، انتهاكات القانون الدولي الإنساني أثناء الاعتداءات الوحشية على قطاع غزة، وتمثلت في الاعتداء على الأعيان الطبية وقصف المستشفيات والأعيان المدنية من مبانٍ حكومية ومدارس ودور عبادة من مساجد وكنائس، وكذلك الاعتداء وسائل الإعلام والغدر والتهجير القسري والإبادة الجماعية الممنهجة ضد سكان قطاع غزة وغيرها من الانتهاكات.
من جانبه قال رئيس المركز العربي للقانون الدولي الإنساني الدكتور محمد النادي: هناك انتهاكات صارخة لمبادئ القانون الدولي الإنساني في فلسطين، كما أن ما نسبته 60% من النزاعات المسلحة وحالات العنف الأخرى تشهدها المنطقة العربية والإسلامية وهي مرشحة للمزيد من الصراعات والنزاعات المحلية والدولية؛ مما يستدعي وجود هيئة علمية أكاديمية تساهم في البحوث والدراسات وتحليل النزاعات وتقديم الرأي والمشورة حول أهمية القانون الدولي الإنساني في حماية المدنيين الذين هم أكثر عُرضة للانتهاكات، وكذلك تعزيز القانون الدولي الإنساني في المنطقة العربية بما يساعد في التقليل من الانتهاكات، وبناء السلام والاستقرار، بالإضافة إلى إبراز الفكر العربي الإسلامي في مجال القانون الدولي الإنساني ودور الباحثين والمفكرين العرب والمسلمين ومساهمتهم في التأسيس لهذا القانون.