بعد مقتل عشرات المدنيين الفلسطينيين في غارة جوية إسرائيلية على مخيم للاجئين في مدينة رفح هذا الأسبوع، قُتِل خلالها 45 نازحًا، وأصيب أكثر من 200 آخرين، اعتبر البيت الأبيض أن الغارة الإسرائيلية لم تتجاوز الخط الأحمر، الذي رسمه الرئيس جو بايدن، لتزويد "إسرائيل" بأسلحة أمريكية معينة، فأين يقع هذا الخط بالضبط، الذي لا يزال غامضًا بعض الشيء، منذ أن أكد "بايدن" لأول مرة في مقابلة في مارس الماضي أن مثل هذا الخط موجود؟
رفض مساعدو "بايدن" مرارًا الحديث عن "الخطوط الحمراء" باعتبارها هوسًا إعلاميًا، وقال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، للصحفيين في مارس، بعد أن ألمح الرئيس للمرة الأولى إلى أن غزو رفح سيجعله يعيد النظر في بعض جوانب سياسته: "إن قضية الخط الأحمر بأكملها، كما تحددها، هي شيء يعجبكم؛ لقد أصبح إلى حد ما لعبة أمن قومي صالون"، وفقًا لـ"سي إن إن".
ورغم أن تعليقات "بايدن" منذ ذلك الحين، تشير إلى أن هناك إجراءات يمكن لـ"إسرائيل" اتخاذها، والتي من شأنها أن تؤدي إلى نهج جديد مع أمريكا، ولكنه ظل غامضًا بشأن كيفية قياسه لمثل هذا القرار، مما أدى إلى إحباط ودرجة من الارتباك بشأن موقفه، ويردد العديد من الديمقراطيين، إلى جانب القادة الأجانب الذين تعتبرهم الولايات المتحدة حلفاء، أن أفعال "إسرائيل" تعبر بوضوح خطًا أحمر، إن لم يكن لـ "بايدن"، بل خطهم الخاص وتلك الخاصة بالقانون الدولي".
ومنذ بداية الحرب، كان "بايدن" وفريقه حذرين للغاية من وضع معايير لاستجابة "إسرائيل"، وقال "سوليفان" للصحفيين في 10 أكتوبر عندما سُئل عن معايير عملية "إسرائيل" ومدى الدعم الأمريكي الذي سيتم تقديمه: "لن أقف هنا لرسم خطوط حمراء"، مضيفًا: "ما أقف هنا لأقوله هو أنه في ساعة حاجة إسرائيل، بينما تشرع إسرائيل في عملية لمحاولة حماية بلدها، وحماية دولة إسرائيل اليهودية، والذهاب وراء التهديدات التي تواجهها -والعمل أيضًا عن كثب معهم يدًا بيد لمحاولة تأمين إطلاق سراح واستعادة الرهائن الأمريكيين وغيرهم- سنفعل كل ذلك".
وعندما سئل جوناثان كيبارت من قناة "إم إس إن بي سي"، "بايدن" في مقابلة: "ما هو خطك الأحمر مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؟ هل لديك خط أحمر؟ على سبيل المثال، هل كنت ستحثه على عدم القيام بغزو رفح؟ هل هذا خط أحمر؟"، رد "بايدن": "إنه خط أحمر، لكنني لن أتخلى أبدًا عن إسرائيل. الدفاع عن إسرائيل لا يزال أمرًا بالغ الأهمية، لذا لا يوجد خط أحمر سأقطع كل الأسلحة حتى لا يكون لديهم القبة الحديدية لحمايتهم"، وأضاف: "لكن هناك خطوطًا حمراء إذا عبرها، لا يمكن أن يكون هناك 30 ألف فلسطيني آخرين قتلى".
وسواء رسم "بايدن" خطًا أحمر أم لا، فقد وجد "نتنياهو" في "إسرائيل" سببًا لرفض تعليقات الرئيس، وقال "نتنياهو": "أنت تعرف، لديّ خط أحمر. هل تعرف ما هو الخط الأحمر؟ أن السابع من أكتوبر لن يحدث مرة أخرى"، وهو مؤشر مبكر على أن مناشدات "بايدن" لتجنب عملية رئيسية في رفح لم تكن موضع ترحيب في "إسرائيل".