لا يزال الهجوم الذي شنته إسرائيل على منطقة المواصي في قطاع غزة، وأسفر عن مجزرة قتل خلالها 92 نازحاً على الأقل، وأصيب أكثر من 300 آخرين، يثير اهتماماً دولياً، لاسيما أن إسرائيل تصنف تلك المنطقة على أنها "منطقة آمنة"، وقد طلبت من النازحين التوجه إليها، لكنها حولت مخيماتهم قرب شاطئ البحر الأبيض المتوسط بفعل الهجوم الجوي إلى أرض منكوبة ومتفحمة، وإلى اكتظاظ المستشفيات بالضحايا.
وأظهرت مقاطع فيديو التقطتها وكالة "فرانس برس" للهجوم، سحابة بيضاء كبيرة تتصاعد فوق شارع مزدحم، مخلفة وراءها حفرة كبيرة، بينما تناثر حطام الخيام، ومبنى تحول إلى ركام.
وقال خبيران في الأسلحة لـ"فرانس برس": "إن شظية شوهدت في مقطع فيديو لمنطقة المواصي التي قصفتها إسرائيل، كانت عبارة عن ذيل زعنفة من نظام الذخيرة الهجومية المباشرة المشتركة الأمريكي المعروف اختصاراً باسم JDAM ".
وأوضح الخبير الفني السابق في الجيش الأمريكي والمتخصص في التخلص من الذخائر المتفجرة تريفور بول، أن صور الغارة على المواصي تشير إلى أن الأسلحة المستخدمة من "مجموعة نظام JDAM بنسبة 100 في المئة"، وهي مصنوعة في الولايات المتحدة.
وبيّن "بول" أنه وبالنظر إلى أنواع القنابل المتوافقة مع نظام التوجيه وحجم شظية الزعنفة؛ فمن المرجح أن النظام JDAM استُخدم على قنبلة تزن 450-900 كيلوغرام.
وأفاد بأن ذيل الزعنفة يمكن أيضاً تركيبه على الرأس الحربي BLU-109 "المدمر للتحصينات" والمصمم لاختراق الخرسانة.
وذكر الرقيب المتقاعد في سلاح الجو الأمريكي وخبير الضربات والاستهداف المشترك ويس براينت، أنه كان من الممكن تجنب وقوع قتلى مدنيين، وهو ما أسماه تجنب الأضرار الجانبية في المنطقة المحيطة.
وقال "براينت: "تقديري أن المدنيين الذين قتلوا في هذه الغارة كانوا في المجمع وليس في المنطقة المجاورة، وإما أن الجيش الإسرائيلي فشل في تقدير وجود مدنيين أو اعتبر أن الخطر على المدنيين يتناسب مع الميزة العسكرية للقصف والمتمثلة بالقضاء على قادة حماس".
وأحالت الغارة الإسرائيلية المواصي إلى خراب تام، وسط انقطاع المياه والكهرباء، وعدم معالجة مياه الصرف الصحي.
وتستعين تلك الذخيرة بنظام تحديد المواقع العالمي "جي بي إس"؛ لتحويل قنابل السقوط الحر التقليدية غير الموجهة، التي تسمى "قنابل غبية" إلى ذخائر ذكية موجهة بدقة يمكن التحكم بها لضرب هدف واحد أو عدة أهداف.
وطورت الولايات المتحدة هذه المعدات لتحسين الدقة في الأحوال الجوية السيئة بعد عملية عاصفة الصحراء في العام 1991، وجهزت أول دفعة من أنظمة JDAM في العام 1997، ووفقاً للقوات الجوية الأمريكية، فإن مستوى موثوقية النظام تصل إلى 95 في المئة.
وأثار الاستخدام المتكرر لهذه القنابل الكبيرة في قطاع غزة، المكتظ بالسكان احتجاجات منظمات حقوق الإنسان، وزادت الضغوط على الرئيس الأمريكي جو بايدن لإعادة النظر في ملف الأسلحة، التي ترسلها بلاده لإسرائيل.
في 12 يوليو (تموز) الجاري، أعلن الرئيس الأمريكي المضي قدماً في إرسال قنابل زنة 500 رطل لإسرائيل بعد توقف مؤقت جراء مخاوف من احتمال استخدام ذخائر زنة ألفي رطل كانت موجودة في الشحنة نفسها، في مناطق مأهولة.