اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط العملية العسكرية التي تقوم بها تركيا في شمال شرق سوريا "غزواً لأراضي دولة عربية، وعدوان على سيادتها".
وقال: هذا غزوٌ مُدان لا يمكن أن يقبل به عربي يعتز بعروبته، ولا يمكن أن يقره العالم أو يتماشى معه، فمهما كانت الذرائع التي يقدمها الغازي، يظل العدوان عدواناً مرفوضاً ومداناً وخارجاً على الشرعية والقانون الدولي.
وأضاف في كلمته التي ألقاها اليوم أمام الدورة غير العادية لاجتماع مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري؛ لمناقشة العدوان التركي على شمال شرق سوريا، والتي ترأس وفد المملكة خلالها وزير الدولة للشؤون الخارجية عضو مجلس الوزراء الأستاذ عادل بن أحمد الجبير: أحد لا ينكر الوضع المعقد القائم في سوريا منذ أكثر من ثماني سنوات، وهو وضعٌ كان من شأنه أن غابت الدولة السورية حتى هذه اللحظة عن احتلال مقعدها في مجلس جامعة الدول العربية على أن هذا الوضع، المؤقت بطبيعة الأمور، لا يمكن ولا ينبغي أن يتخذ تكئة لسلخ سوريا من عروبتها.
وأردف: سوريا دولة عربية عضو في هذه المنظمة، كانت وستظل، أرضها أرض عربية، وأمنها جزء من الأمن العربي، والاعتداء اليوم على وحدة التراب السوري هو بكل تأكيد تهديد للأمن العربي الجماعي.
وتابع: لقد تصارعت أجندات ومصالح أجنبية على الأراضي السورية لسنوات على خلفية حرب طاحنة مزقت نسيج سوريا، وهذا المجلس أدان ويدين كل أشكال التدخل الأجنبي على الأراضي السورية، أياً كان الطرف الذي يمارسها، بل يعتبر هذه التدخلات سبباً في نكبة سوريا وإطالة أمد أزمتها.
وقال "أبوالغيط": ما نشهده اليوم من جانب تركيا هو أمر مختلف في مداه وغاياته، فالعدوان التركي، كما طرحت خططه وحددت أهدافه، يرمي إلى اقتطاع مساحة من الأراضي السورية بعمق يصل إلى 32 كيلومتراً وبطول يتجاوز 400 كيلومتراً، ويسعى إلى اقتلاع السكان من هذه الأراضي ثم إحلال آخرين محلهم من اللاجئين لديه وإن لم يكن هذا احتلالاً وغزواً، فبماذا يمكن تسميته؟
وأضاف: الساعات الأولى للغزو شهدت فرار عشرات الآلاف من منازلهم، وقد تصل أعداد الفارين والنازحين مع استمرار العمليات، ووفقاً لبعض التقديرات إلى أكثر من 300 ألفاً، وهناك مخاوف حقيقية من تطهير عرقي محتمل للأكراد في هذه المنطقة، أما عن خطط التغيير الديموغرافي بتسكين الملايين، كما أعلن الجانب التركي، محل من سيتم طردهم فهي -في حقيقة الأمر- عارٌ أخلاقي وإنساني، فضلاً عن كونها منافية على طول الخط للقانون الدولي الذي ينص على العودة الطوعية الآمنة والكريمة للاجئين.
وأشار الأمين العام للجامعة العربية إلى أن استخدام اللاجئين كورقة مقايضة في مواجهة الجانب الأوروبي يعكس انحداراً جديداً غير مسبوق.
وأوضح أن الضغط على العالم بالتلويح بمصير اللاجئين ليس من الأخلاق، وليس من الإنسانية، وليس من الإسلام.
وقال "أبوالغيط" في كلمته: أهل سوريا، عرباً وكرداً، هم أهلنا، نتألم لألمهم ونهتم بمصيرهم، قد يكون للبعض منا تحفظاته المشروعة على أجندات وأهداف وتصرفات بعض الجماعات والتنظيمات الكردية، التي لا تصب في صالح وحدة التراب السوري ولكن يظل الأكراد جزءاً من نسيج الدولة والمجتمع السوري بل ونشيد بما تحملوه من تكلفة، بالدم والعرق، من أجل إزاحة كابوس الحكم الداعشي من مناطق شرق سوريا، ولا يمكن أن نقر أبداً أن يتعرضوا للإبادة أو التطهير العرقي، أو أن يهجروا من بيوتهم التي جاءها الكثير منهم نازحاً من مواطن أخرى هاجمتها تركيا في وقت سابق.
وأضاف: هذا العدوان التركي يفضي إلى أزمات جديدة ولاجئين ونازحين جدداً، وعذابات إنسانية بلا حصر، وربما كان الأثر الأخطر متعلقاً بتهديد الإنجازات التي تحققت في الحرب على داعش.
وأردف: هناك 12 ألف عنصر إرهابي محتجزين في سبع سجون، ينتمون إلى تنظيم "داعش" في المناطق التي تسعى تركيا إلى احتلالها من بين هؤلاء أربعة آلاف من المقاتلين الأجانب.
وشدد على أن العدوان التركي في ضوء هذه المعطيات لا يمثل فقط تهديداً للاستقرار الإقليمي، وإنما يعد خطراً حقيقياً على الأمن والسلم الدوليين، داعياً المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته حيال هذا التهديد الحال والداهم لأمن العالم.
وأعرب "أبوالغيط" عن أسفه أن مجلس الأمن قد صادف فشلاً واضحاً، حتى الآن، في التعامل مع العدوان التركي؛ بسبب بعض الاختلافات داخله، وبالأخص ما يتعلق بمواقف بعض الدول دائمة العضوية فيه، داعياً مجلس الأمن بما يمثله من مرجعية للشرعية الدولية لتحمل مسؤولياته حيال هذا الموضوع الخطير، والعمل بجدية أكبر من أجل التوصل لموقف دولي موحد بإدانة هذا العدوان ووقفه، وإزالة الآثار المترتبة عليه.
وأدان الأمين العام للجامعة العربية العدواني التركي على الأراضي السورية، مطالباً تركيا بالوقف الفوري والكامل لكل العمليات العسكرية وسحب قواتها التي توغلت داخل الأراضي السورية، محملاً إياها المسؤولية كاملة عن التبعات الإنسانية والأمنية التي قد تترتب على هذا العدوان الخطير.