مع اقتراب موعد المناظرة الرئاسية الحاسمة الأسبوع المقبل، حافظت "كامالا هاريس" على تقدمها على دونالد ترامب في استطلاعات الرأي المباشرة؛ إذ أظهرت أحدث استطلاعات الرأي الوطنية لصحيفة "الجارديان"، التي أجريت على مدى 10 أيام، حصول "هاريس" على 47.5% مقارنة بـ43.9% لـ"ترامب"، وهو ما يمثل تشجيعًا لها، ولكن من المحتمل ألا يكون كبيرًا بما يكفي لضمان الفوز في المجمع الانتخابي إذا تكررت هذه النتيجة في يوم الانتخابات.
ومنذ دخول "هاريس" السباق، بعد انسحاب الرئيس جو بايدن عقب أداء كارثي في المناظرة أبرز المخاوف بشأن عمره وقدراته العقلية، وهي تحظى بموجة من التأييد والحماس؛ مما قلب السباق رأسًا على عقب، فتحول تقدم "ترامب" الضئيل ولكن الثابت إلى تقدم لـ"هاريس"، ولكن مع استعداد "هاريس" لأول مناظرة لها على الإطلاق كمرشحة رئاسية، هناك مؤشرات على أن صعودها قد بلغ ذروته، وفي الوقت نفسه يأمل "ترامب" في أن توفر له المناظرة فرصة لاستعادة بعض الزخم لحملته.
ومع ذلك لا يزال السباق متقاربًا للغاية في الولايات المتأرجحة، ومع وجود ميزة للجمهوريين في المجمع الانتخابي، وصف أحد المعلقين في مجلة "بوليتيكو" هذا الأسبوع السباق بأنه "ما يعادل معركة بالسكاكين في كشك هاتف"، وفي الوقت نفسه بدأ التركيز الجغرافي الضيق للانتخابات يبرز بشكل حادّ مع اقتراب موعد إرسال أولى بطاقات اقتراع لتحديد ساكن البيت الأبيض القادم إلى الناخبين. وكان من المقرر أن تبدأ كارولاينا الشمالية إرسال بطاقات الاقتراع الرئاسية أمس، ولكن فيما قد يُنظر إليه على أنه استعارة لطبيعة المنافسة المحتدمة بين "هاريس" و"ترامب"، تأخر ما كان ينبغي أن يكون بروتوكولًا قياسيًّا بسبب نزاع حول ما إذا كان ينبغي أن يكون لروبرت كينيدي جونيور، الذي كان يخوض الانتخابات كمرشح مستقلّ، مكان في الاقتراع.
وعلق "كينيدي" حملته في 23 أغسطس وأيد "ترامب"، قد رفع دعوى قضائية ضد مجلس انتخابات كارولينا الشمالية؛ بسبب رفضه إزالة اسمه من الاقتراع في الولاية التي أظهرت الاستطلاعات فيها أن النتيجة على حافة السكين، وقد حكم قاضٍ في المحكمة العليا للولاية ضده يوم الخميس، ولكن مُنح 24 ساعة لاستئناف الحكم؛ مما أدّى إلى تأخير مؤقت في إرسال بطاقات الاقتراع. وفي يوم الجمعة أصدرت محكمة الاستئناف في الولاية أمرًا مؤقتًا بوقف توزيع بطاقات الاقتراع عبر البريد للسماح بالنظر في استئناف "كينيدي". وأضاف التأجيل طبقة أخرى من التشويق إلى سباق لا يمكن أن يكون أكثر احتدامًا؛ وفقًا لتحليل جديد أجرته صحيفة "الجارديان" لاستطلاعات الرأي الأخيرة.
ففي ولاية 16 صوتًا في المجمع الانتخابي، ولم يفز فيها مرشح رئاسي ديمقراطي سوى مرة واحدة منذ عام 1980، تعادل "ترامب" و"هاريس" بنسبة 48.07%، وتوضح الأرقام سبب حرص "كينيدي" - الذي يحاول مساعدة "ترامب" بعد أن خلص إلى أن وجوده في السباق كان يستنزف دعمه - على إزالة اسمه من الاقتراع، فعدد ضئيل من الناخبين الذين يضعون علامة على اسم "كينيدي" في أوراق الاقتراع قد يكون كافيًا لحرمان "ترامب" من الفوز بالولاية الوحيدة من بين سبع ولايات متأرجحة فاز بها في هزيمته عام 2020 على يد جو بايدن.
وتظهر المشكلة في كارولينا الشمالية في صورة مصغرة، ما أصبح حقيقة في هذه الانتخابات الرئاسية - وبشكل متزايد في جميع الانتخابات الرئاسية الأمريكية - وهي أنه في حين سيذهب الناخبون إلى صناديق الاقتراع في جميع الولايات الخمسين، إلا أن بعض الولايات أكثر أهمية من غيرها في ظلّ المجمع الانتخابي الفريد في أمريكا، ويخصّص النظام عددًا ثابتًا من الناخبين لكل ولاية بناءً على عدد سكانها؛ حيث يبلغ إجمالي عدد الناخبين 539 ناخبًا على مستوى البلاد؛ مما يعني أن الفوز يتطلّب الحصول على 270 صوتًا في المجمع الانتخابي.
وفي حين أن النتيجة في العديد من الولايات محسومة سلفًا - مع ميل الولايات الجنوبية والوسطى بشكل موثوق إلى الجمهوريين، في حين تميل ولايات أخرى مثل نيويورك وكاليفورنيا بقوة إلى الديمقراطيين - فإن الانقسام الحزبي المتساوي تقريبًا في هذه الولايات من حيث أصوات الناخبين، يعني أن الكثير يتوقّف على العدد القليل من الولايات التي تنقسم فيها الولاءات الحزبية بالتساوي، ويعني ذلك أيضًا أن أرقام استطلاعات الرأي الوطنية، على الرغم من أنها تشير إلى الاتجاهات العامة، ليست هي التي تحدّد بالضرورة نتيجة الانتخابات، وفي هذا السياق قد تكون بنسلفانيا، التي تعتبر واحدة من "الجدار الأزرق" للولايات الديمقراطية، إلى جانب ولايتَيْ ميشيغان وويسكونسن، وأحيانًا يُطلق عليها اسم "حزام الصدأ" بسبب وضعها كقلب لصناعة الصلب الأمريكية، أكثر أهمية من كارولينا الشمالية، وقد فاز بها "بايدن" بأكثر قليلًا من 80 ألف صوت في عام 2020، وحصل على أصواتها الانتخابية الـ19.
وفي هذه المرة تشير مختلف الاحتمالات إلى أنها قد تكون أساسية في المسارات التي يخطط لها كل من "هاريس" و"ترامب" للوصول إلى الرقم السحري 270، وهذا يفسر سبب تحول الولاية إلى نقطة محورية في أنشطة الحملتين في الأيام الأخيرة؛ ففي يوم الاثنين ظهرت "هاريس" مع "بايدن" في موكب يوم العمل في بيتسبرغ في أول ظهور مشترك لهما منذ أن حلّت محله على رأس تذكرة الحزب الديمقراطي، بينما حضر "ترامب" اجتماعًا عامًّا متلفزًا استضافته شبكة "فوكس نيوز" وقدمه "شون هانيتي" الأربعاء، وفي يوم الثلاثاء المقبل سيلتقي المرشحان في مناظرتهما الرئاسية الوحيدة المقررة في فيلادلفيا، أكبر مدينة في بنسلفانيا.