
في خطوة دبلوماسية غير مسبوقة، شهدت نيويورك إطلاق نداًء جماعيًا من قِبل 15 دولة، شملت فرنسا وإسبانيا وكندا وأستراليا وعددًا من الدول الأوروبية، تدعو فيه المزيد من الدول إلى إعلان عزمها الاعتراف بدولة فلسطين، وهذا النداء جاء في أعقاب مؤتمر وزاري حاسم عُقد في الأمم المتحدة، برعاية مشتركة بين المملكة العربية السعودية وإحدى الدول الأوروبية، بهدف إحياء حل الدولتين، الذي يُنظر إليه على أنه المسار الوحيد لتحقيق سلام دائم في المنطقة، خاصة في ظل تصاعد التوترات التي تفاقمها الحرب الدائرة في غزة وتوسع الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، ويمثل هذا التحرك الدولي نقطة تحول قد تعيد صياغة مسار النزاع التاريخي وتفتح آفاقًا جديدة نحو إقرار السلام العادل والشامل.
وتؤكد هذه المبادرة الدولية على الأهمية المتزايدة للاعتراف السياسي بدولة فلسطين كخطوة محورية نحو تحقيق حل الدولتين، ففي ختام "نداء نيويورك"، صرح وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو، عبر حسابه على منصة "إكس"، أن "فرنسا و14 دولة أخرى توجه نداءً جماعيًا: نعرب عن عزمنا الاعتراف بدولة فلسطين وندعو الذين لم يفعلوا ذلك حتى الآن إلى الانضمام إلينا"، وهذه الكلمات تعكس التزامًا دوليًا متناميًا بدعم تطلعات الشعب الفلسطيني نحو إقامة دولته المستقلة.
وضم النداء، إلى جانب دولة أوروبية رائدة، دولًا ذات ثقل إقليمي ودولي مثل كندا وأستراليا، وهما عضوان فاعلان في مجموعة العشرين، كما وقعت على هذه الدعوة دول أوروبية أخرى بارزة مثل أندورا، وفنلندا، وآيسلندا، وآيرلندا، ولوكسمبورغ، ومالطا، ونيوزيلندا، والنرويج، والبرتغال، وسان مارينو، وسلوفينيا، وإسبانيا، وهذه القائمة المتنوعة من الدول تعكس إجماعًا دوليًا متزايدًا على ضرورة معالجة القضية الفلسطينية عبر مسار سياسي يضمن حقوق جميع الأطراف ويؤدي إلى استقرار المنطقة، وفقًا لـ"فرانس برس".
وتسع دول من بين الموقعة على النداء، وهي أندوراس، وأستراليا، وكندا، وفنلندا، ولوكسمبورغ، ومالطا، ونيوزيلندا، والبرتغال، وسان مارينو، لم تعترف بعد بالدولة الفلسطينية. ومع ذلك، أعلنت هذه الدول عن "استعداد بلادها أو اهتمامها الإيجابي" بالاعتراف بها، مما يمثل تحولًا نوعيًا في مواقفها الدبلوماسية، وهذا التوجه يسلط الضوء على تزايد القناعة بأن الاعتراف بدولة فلسطين ليس مجرد خطوة رمزية، بل هو ضرورة استراتيجية لتعزيز فرص السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
وعلى صعيد متصل، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في وقت سابق أن بلاده ستعترف رسميًا بدولة فلسطين في حال عدم اتخاذ إسرائيل إجراءات معينة، وهذا التصريح يؤكد وجود حراك دولي أوسع نطاقًا يتجاوز حدود الدول الأوروبية التقليدية، كما كان رئيس إحدى الدول الأوروبية قد أكد أن بلاده ستعترف رسميًا بدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في سبتمبر المقبل، ما يعكس التزامًا راسخًا بهذا المسار، وهذه التحولات السياسية تعزز من زخم الاعتراف الدولي بدولة فلسطين.
وصدرت هذه الدعوة الملحة من الدول الخمس عشرة في ختام مؤتمر وزاري رفيع المستوى عُقد على مدار يومي الإثنين والثلاثاء في نيويورك، وكان المؤتمر، الذي رعته المملكة العربية السعودية بالتعاون مع فرنسا، مخصصًا بالكامل لمناقشة سبل إحياء حل الدولتين كسبيل وحيد لتسوية النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، وهذا الحل يواجه تحديات جمة في ظل استمرار الحرب في غزة وتوسع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، مما يزيد من تعقيدات المشهد السياسي وضرورة التحرك الفوري.
فهل يمكن لهذا التحرك الدولي المكثف أن يغير ديناميكيات الصراع ويفتح الباب أمام سلام طال انتظاره في الشرق الأوسط؟