
في خضم سعي الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتعزيز إنجازاته السياسية بعد ستة أشهر من توليه منصبه، عادت قضية جيفري إبستين لتطارده، مُلقية بظلالها على مسيرته، فتقرير صحيفة "وول ستريت جورنال" أعاد إشعال الجدل حول علاقته بالمتهم الراحل، مما يثير تساؤلات حول تأثير هذه الفضيحة على شعبيته، بينما يواجه ترامب اتهامات متكررة، ويبقى السؤال: هل ستنجح هذه القضية في تقويض مكانته السياسية أم ستكون مجرد عثرة أخرى يتجاوزها؟
تصاعد الجدل حول علاقة ترامب بإبستين، الذي توفي في السجن عام 2019، بعد تقرير الصحيفة الذي سلط الضوء على تفاصيل جديدة، وهذه الفضيحة ليست الأولى التي تواجه ترامب، فقد نجا من فضائح سابقة مثل شريط "أكسس هوليوود" وإدانته بقضية مدفوعات سرية، ورغم ذلك، عاد إلى واشنطن بقوة سياسية متزايدة بعد خسارته عام 2020، لكن هذه القضية تشكل تحديًا جديدًا، إذ تشتت انتباه الجمهور عن إنجازاته التشريعية التي يسعى للترويج لها، وفقًا لصحيفة "واشنطن بوست".
واستنكر ترامب تقرير "وول ستريت جورنال"، مهددًا بمقاضاة الصحيفة ومالكها روبرت مردوخ، حليفه السياسي غير الثابت، وداخل قاعدته الشعبية، أثارت القضية غضبًا بين أنصار حركة "ماغا"، الذين توقعوا من ترامب كشف الفساد المرتبط بإبستين، وإعلان وزارة العدل بعدم وجود ملفات إضافية تستحق النشر زاد من استيائهم، مما دفع قادة الحركة إلى تحذير من تراجع الحماس لدى بعض الأنصار في انتخابات منتصف المدة.
وكشف استطلاع "رويترز/إبسوس" أن 60% من الأمريكيين يعتقدون أن الحكومة تخفي تفاصيل وفاة إبستين، بينما يرى 69% إخفاء ترامب معلومات عن مؤيديه، وهذه الشكوك قوية بشكل خاص بين مؤيدي ترامب، الذين كانوا يأملون أن يكشف عن تورط شخصيات بارزة، ورغم ذلك، يبدو أن التقرير عزز التفاف القاعدة حول ترامب، معتبرينه ضحية هجوم إعلامي، وهذا التكاتف هدأ من الإحباطات الأخيرة، لكن استمرار الجدل قد يؤثر على الناخبين غير الحزبيين.
والناخبون المتقلبون، الذين دعموا ترامب بكثافة في 2024، يشكلون نقطة ضعف محتملة، وهؤلاء، الذين يتميزون بنفورهم من النظام السياسي وشكوكهم تجاه النخب، قد يفقدون ثقتهم بترامب إذا استمر الجدل، وحاول الديمقراطيون استغلال هذا الوضع، مطالبين بإصدار ملفات القضية. لكن استطلاع "كوينيبياك" أظهر أن 20% فقط من الناخبين يتابعون الأخبار "عن كثب"، مما يشير إلى محدودية الاهتمام العام حتى الآن.
وحذر معلقون يمينيون بارزون مثل ستيفن بانون، من أن استياء بعض أنصار "ماغا" قد يؤثر على مشاركتهم في الانتخابات النصفية، ومع ذلك، تحول الغضب نحو وسائل الإعلام، خصوصًا مردوخ، الذي يُنظر إليه كمعارض لترامب، واستطلاع "رويترز/إبسوس" أشار إلى أن 54% من الأمريكيين يعارضون تعامل ترامب مع القضية، بينما يوافق 17% فقط، وبين الجمهوريين، انقسمت الآراء، مما يكشف عن تحدٍ داخلي لحملته.
ويصر ترامب وفريقه على أن الجمهور لا يهتم كثيرًا بالقضية، لكن الاستطلاعات تشير إلى انقسام في الرأي، فهل ستبقى قضية إبستين مجرد ضجيج عابر، أم ستتحول إلى تهديد حقيقي لشعبية ترامب؟ ومع استمرار الجدل، قد يعتمد مصير ترامب على قدرته على إعادة توجيه الأنظار نحو إنجازاته، بعيدًا عن شبح إبستين.