بعد أيام قليلة من محاولة انقلاب فاشلة، قادها حمد بن جاسم؛ رئيس وزراء قطر السابق، على أمير البلاد تميم بن حمد؛ أطل الرجل على متابعيه في موقع التواصل الاجتماعي "الإنستجرام" منزوع الشماغ والبشت، وبدا شاحب الوجه مضطرباً، وهو يقص شعر ابنه "فلاح"، وكأنه يجر أذيال الخيبة.
الصورة التي أثارت موجة ساخرة في أوساط مواقع التواصل الاجتماعي، عكست حالة التردي النفسي التي وصل إليها حمد بن جاسم؛ فالرجل - بحسب المغردين - أراد التأكيد للرأي العام أنه يمارس حياته الطبيعية بشكل اعتيادي، وأنه طوى صفحة الانقلاب، بينما رأى البعض عكس ذلك، وأكّدوا أن حمد الذي كان يُمني النفس بانقلابه الأخير، أن يصبح أميراً لقطر، تنازل عن سقف طموحاته، وبات اليوم حلاقاً، ومع التأكيد على أن "الحلاقة" مهنة شريفة، ولكن من غير الشرف أن يتمسح بها حمد بهذا الشكل، لتصدير انطباع غير حقيقي ومزيّف عنه للرأي العام.
حمد بن جاسم أصبح منبوذاً
وكان حمد بن جاسم؛ قد نشر تغريدة على "تويتر"، عقب محاولة الانقلاب على تميم؛ ألمح فيها أن مرجعيته معروفة، في إشارة إلى الشيخ حمد بن خليفة؛ أمير البلاد السابق، وليس تميم بن حمد؛ الأمير الحالي، وعكست هذه التغريدة حجم الخلافات الكبيرة داخل الأسرة الحاكمة في الدوحة.
وقال حمد بن جاسم؛ في تغريدته: "كما ذكرت سابقاً، فإني لن أرد على أي مهاترات، وأريد أن أؤكد أنني مستمر في هذه السياسة، فلست من الذين يجيشون الغير للدفاع عنهم أو للهجوم أو لتلفيق الأكاذيب للغير من أموال شعوبهم، وإذا أراد أحد أن يشتكي عليّ فلا داعي أن يشتكي لدى الغير، فمرجعيتي معروفة".
وتؤكّد هذه التغريدة حقيقة الخلافات بين الأسرة الحاكمة، وتعزّزها قيام حمد بن جاسم؛ بإزالة صورة تميم التي وضعها في صفحة حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، وتعمّد الإعلاميون القطريون تجاهل التغريدة، وعدم إعادة نشرها، كما كان يحدث في تغريدات الوزير السابق.
تراجع الحالة المعنوية لحمد بن جاسم؛ أرجعها البعض إلى قيام عدد كبير من أفراد الأسرة الحاكمة في قطر، وعلى رأسهم حمد بن خليفة؛ بإزالة حمد بن جاسم؛ من حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي وعدم متابعته، بعد حادث الانقلاب، وهو الأمر الذي لم يتحمّله حمد بن جاسم؛ فأراد أن يشغل المجتمع من حوله بصورة الحلاقة.
وقال رئيس المعارضة القطرية خالد الهيل؛ تعليقاً على صورة الحلاقة: "طار الشماغ وطاح الوزار وفز .. بالأمس يبي يحكم، واليوم صار حلاق من عقب البشت سروال وفنيلة"، وأضاف الهيل "عموما عنبر ٢ مجهز للحمدين، وبما أن حمد بن جاسم عنده قابلية للحلاقة، فإني أعده بوظيفة حلاق السجن وشرط تنتف شعيرات حمد بن خليفة شعرة شعرة عالزيرو".
تاريخ من الانقلابات بقطر
وتبقى محاولة الانقلاب التي قادها حمد بن جاسم؛ ضد تميم؛ ليست حديثة عهد بالإمارة، وليست حديثة العهد بحمد نفسه، فالرجل ضالع في سلسلة الانقلابات التي شهدتها قطر على مدى تاريخها، فضلاً عن دوره "المشبوه" في أحداث الربيع العربي، وما شهدتها من إطاحات وانقلابات دموية راح ضحيتها الآلاف.
وعرفت قطر بانقلاب قادتها على بعضهم بعضاً، فبعد استقلالها عن بريطانيا عام 1971، بدأت المشيخة تحت حكم الشيخ أحمد بن علي آل ثاني؛ الذي آثره أبوه بالإمارة بدلاً من إعادته لابن أخيه خليفة بن حمد آل ثاني، حيث كان الشيخ حمد قد عيّن شقيقه علي خلفاً له، "لأنه أصلح من ابنه"، وبدوره ترك علي الحكم لابنه أحمد، واكتفى بتعيين خليفة ولياً للعهد. إلا أن خليفة لم يقنع بذلك طويلا، وما لبث أن أطاح بابن عمه في انقلاب عسكري، عام 1972، ثم وطد حكمه من خلال تسليم مفاصل الدولة لأولاده. ثم انقلب حمد بن خليفة على أبيه، قبل أن ينقلب تميم على أبيه حمد، وتظاهرت الإمارة أن الأخير ترك الحكم طوعاً.