برر الانقلابيون في الغابون تحركهم للإطاحة بالرئيس علي بونغو من السلطة "بدخول البلاد في أزمات مؤسسية وسياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة، وعدم استيفاء الانتخابات شروط الاقتراع الشفاف، الذي كان يعوّل عليه أغلب أبناء الغابون"، كما تذرعوا بمرض الرئيس "بونغو"، الذي أصيب بجلطة دماغية عام 2018، أبعدته عن ممارسة مهامه لفترة، ولكن تكشفت معلومات تشير إلى وجه آخر للحقيقة، وتميط اللثام عن بواعث أخرى دفعت قائد الانقلاب الجنرال بريس أوليغي نغيما، الذي كان يرأس الحرس الجمهوري إلى التحرك ضد الرئيس "بونغو".
ربما يعرف القلة من المتابعين خارج الغابون، أن الجنرال بريس أوليغي نغيما هو ابن عم الرئيس علي بونغو، اللذان ينتسبان إلى عائلة "بونغو" في الغابون، وهي عائلة مسيحية أسلم منها فردان فقط، هما الرئيس السابق عمر بونغو، الذي حكم الغابون 41 عاماً وتوفي عام 2009، وابنه علي بونغو، الذي حكم الغابون عقب وفاة والده إلى أن أزيح من السلطة الأربعاء الماضي بالانقلاب الذي قاده ابن عمه بريس أوليغي نعيما.
وقد كشف عن علاقة النسب تلك المعارض الغابوني أوندو أوسا في تصريح لقناة "تي في 5 موند" الفرنسية، قائلاً: "يجب أن نضع الأمور في سياقها. أولاً، لا يتعلق الأمر بانقلاب عسكري بل بثورة قصر. أوليغي نغيما هو ابن عم علي بونغو، ومعسكر بونغو توصل إلى قناعة بأنه يجب إزاحة علي بونغو من السلطة للحفاظ على نظام آل بونغو"، وأضاف "أوسا": "إن عائلة بونغو قررت أنه يجب تنحية علي بونغو جانبا حتى يتواصل نظام آل بونغو، أوليغي نغيما تابع، وخلفه تقف عائلة بونغو التي تسيطر على السلطة".
ومما يعزز من صحة رأي "أوسا"، أن قائد الانقلاب الجنرال "نغيما"، الذي من المقرر أن ينصب غداً رئيساً للمرحلة الانتقالية، تجنب التعامل مع المعارضة أو التجاوب مع مطلبها بالاعتراف بفوز مرشحها في الانتخابات الرئاسية أوندو أوسا، رغم أن الانقلابيين تذرعوا في تحركهم بأن الانتخابات شابها عدم النزاهة وافتقرت للشفافية، كما رفض "نغيما" دعوة المعارضة بإجراء مباحثات لتقييم الوضع في إطار وطني ومسؤول، وإيجاد الحل الأفضل للغابونيين والسماح للبلاد بالخروج من هذا الوضع، وهو ما يشير إلى أن الانقلاب لم يكن غير وسيلة لإحكام عائلة بونغو سيطرتها على السلطة في الغابون.