"محاولة قتله جعلته محاربًا يخاطر بحياته لأجل أمريكا".. هل يستعيد "ترامب" الرئاسة؟

سيستخدم صورته الملطخة بالدماء لإثبات ادعاء "التآمر"
الدماء تتناثر على وجه دونالد ترامب عقب محاولة اغتياله في تجمع انتخابي في ولاية بنسلفانيا
الدماء تتناثر على وجه دونالد ترامب عقب محاولة اغتياله في تجمع انتخابي في ولاية بنسلفانيا
تم النشر في

غالبًا ما يتحدث الاستراتيجيون السياسيون عن الحملات الانتخابية من حيث اللحظات؛ باعتبارها نقاطًا في الزمن، تُغيِّر المشهد السياسي بشكل لا رجعة فيه؛ ما يجبر المشاركين على تكييف سلوكهم مع خط أساس جديد.

وكانت محاولة اغتيال دونالد ترامب أمس أهم لحظة في عقود؛ ففي الثواني التي أعقبت دوي إطلاق النار في ساحة العرض، حيث كان المرشح الجمهوري يُلقي خطابًا أمام مؤيديه، أصبح من الواضح أن كل شيء قد تغيَّر، وفقًا للكاتب في صحيفة "التلغراف" البريطانية توني ديفير.

وتُظهر صورة تاريخية فورية للمشهد، التقطها مصور من "أسوشيتد برس"، "ترامب" وهو يتعثر خارج المسرح، وينزف دمًا، ويحيط به عملاء جهاز الخدمة السرية، وبعد لحظات من مواجهته مع الموت رفع الرئيس السابق قبضته متحديًا، وشكلت شفتاه كلمة واحدة: "قاتل"، وهذه اللحظة هي أول تهديد اغتيال موثوق به لحياة رئيس أمريكي منذ إطلاق النار على رونالد ريجان في مارس 1981.

ارتفاع الشعبية

إن التهديد المستمر بالموت العنيف هو نوع من المخاطر المهنية لقادة أمريكا، وقد استسلم له أربعة رؤساء أثناء وجودهم في مناصبهم، ومع ذلك لا يمكن إنكار أن هذا الحادث سيؤثر بشكل كبير على سباق الرئاسة هذا العام؛ فلقد بنى "ترامب" حملته على فكرة أن الجميع يتآمرون ضده، وقد اتهم المدعين العامين الفيدراليين والقضاة ومسؤولي الانتخابات والسياسيين المنافسين والصحفيين جميعًا بمحاولة إسقاط حملته، ومنعه من العودة إلى البيت الأبيض، وطعن في العديد من هذه الادعاءات عن حق، ولكن بعد الحادث في بنسلفانيا حتى أسوأ أعداء "ترامب" لا يمكنهم إنكار أن هناك من يفضلون رؤيته ميتًا بدلاً من إعادة انتخابه.

وتشير استطلاعات الرأي بالفعل إلى أن "ترامب" من المرجح أن يستعيد الرئاسة في نوفمبر بعد أشهُر عصيبة لمنافسه وإدانة جنائية لم تؤثر كثيرًا على شعبيته. وإذا كان التاريخ يخبرنا بأي شيء فإن أحداث السبت لن تؤدي إلا إلى زيادة دعمه؛ ففي الأشهر التي أعقبت إطلاق النار على السيد ريجان شهد الرئيس الجمهوري المنتخب حديثًا ارتفاعًا في استطلاعات الرأي، بلغ ثماني نقاط، وغدًا سيحيي "ترامب" مؤيديه في ميلووكي، ويسكونسن؛ لإعلان رفيقه في السباق في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري.

ومن المرجح أن يتم تعزيز الترتيبات الأمنية، التي تتسم بالفعل بالصرامة؛ وذلك استجابة للخرق الأمني الكبير، الذي كاد ينهي حياة المرشح، ولكن الخطاب أيضًا سيكون مختلفًا. ويدعي مؤيدو "ترامب" بالفعل أن محاولة الاغتيال هي المعركة الأخيرة في حربه لإنقاذ الولايات المتحدة، وأن هذا الإطار سيسيطر الآن على الحملة، ومن المرجح أن يضاعف "ترامب" الرسالة استجابة لإطلاق النار، بينما يبدأ المحققون الفيدراليون في فحص كيفية حدوث هذا الهجوم، والدوافع وراءه.

ذريعة التآمر

بعد تلقيه العلاج الطبي قال "ترامب": "من غير المعقول أن يحدث مثل هذا العمل في بلدنا". والسياق الضمني لهذا التعليق واضح: "أمريكا مكسورة، وأنه سيصلحها بمساعدة مؤيديه". وقد حمّل الجمهوريون في الكونجرس جو بايدن بالفعل مسؤولية إطلاق النار، متهمين إياه بتأجيج الكراهية ضد منافسه. و"ترامب"، الذي ليس غريبًا على هذا النوع من الحملات، لديه فرصة للرد بالمثل في المؤتمر هذا الأسبوع؛ إذ سيحصل رسميًّا على ترشيح الحزب الجمهوري.

ويجعله هذا الهجوم أيضًا الضحية، التي يمكن التحقق منها في حملة الانتخابات هذه، ومحاربًا يخاطر بحياته من أجل قضيته.. كما أنه سيُعقِّد قصة محاكمته في ثلاث قضايا جنائية، لا تزال مُعلَّقة في المحاكم الأمريكية. وقد ادعى "ترامب" أن المدعين العامين على مستوى الولاية والفيدراليين هم جزء من مؤامرة كبرى ضده، وسيستخدم -بلا شك- صورته الملطخة بالدماء على المسرح في بنسلفانيا عند تقديم هذه الحجة.

وعلى الرغم من أن وقائع القضايا لم تتغير إلا أن انطباع هيئة المحلفين عن شخصية "ترامب" سيتشكل من خلال أحداث ليلة السبت.

إن محاولة اغتيال "ترامب" تذكير صارخ بكيف يمكن للحدث الواحد والرائد أن يقلب حملة مضطربة بالفعل رأسًا على عقب. وأي شك متبقٍّ في أن "ترامب" سيفوز في انتخابات هذا العام يتلاشى الآن. وأصبحت زلات جو بايدن في وقت سابق من هذا الأسبوع - على الرغم من أنها مثيرة للجدل - غير ذات أهمية الآن، وما زال أولئك الذين كانوا على قيد الحياة في عام 1963 يسألون بعضهم عما كانوا يفعلونه عندما سمعوا أن جون كينيدي قد أُطلق عليه الرصاص. وفي العقود القادمة سيسألون: "أين كنت عندما أخطأت الرصاصة ترامب؟".

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org