"لا مكان لهم في المستشفيات؛ لذا يفضلون الموت مباشرة على الإصابة"، هكذا يصف أطباء حالة بعض السكان في جنوب قطاع غزة بعد استئناف الحرب، وتوالي سقوط القتلى والجرحى من جديد بأعداد كبيرة.
ومن جنوب قطاع غزة، يتحدث العميد السابق لكلية فلسطين للتمريض، الدكتور نبيل النجار، عما وصفها بـ"أوضاع كارثية"، قائلًا لموقع "سكاي نيوز عربية": إن القصف "لا يميز بين أطفال ولا نساء ولا شيوخ ولا عجائز"، بجانب أن جيش الاحتلال الإسرائيلي "يطالبنا يوميًّا عبر منشورات بالرحيل من خان يونس ورفح اللتين يتركز فيهما القصف حاليًا".
العدد الكبير من المصابين، وعدم قدرة المستشفيات على استيعابهم دفعت بعض السكان -بحسب النجار- إلى "تفضيل الموت داخل بيوتهم؛ لأن المستشفيات مكتظة، ولا يتوفر بها العناية للجميع، ولو تم تخييرهم بين الإصابة والموت المباشر فإنهم يفضلون الموت".
ويصف الأوضاع أمام مستشفى غزة الأوروبي: "أمامي توجد مخيمات إيواء داخلها عدد كبير من السكان؛ فلا يوجد أسرّة، والمصابون والجرحى والمرضى يفترشون الأرض؛ فالمستشفى في الطبيعي يستوعب 350 شخصًا، لكن يوجد بها حاليًا أكثر من 1000 بين مصابين ومرضى".
وعلى هذا "لا نستطيع إخراج المصابين، ولا يمكننا استقبال مصابين جدد، الوضع كارثي بمعنى الكلمة"، وفق النجار، الذي حذّر من تعرض الكثير للإصابة بـ"التهابات وتسمم دموي، قد تفضي للموت".
ويلح العميد السابق لكلية فلسطين للتمريض على ضرورة التوصل إلى هدنة جديدة، وإلا "سيتسع نطاق الكارثة الإنسانية"، وخاصة ما يتعلق بنقص المستلزمات الأساسية كالكهرباء والوقود والدقيق؛ وفق ما نقلته "سكاي نيوز عربية".
وفر مئات الآلاف من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، بعد تعرض محافظات الشمال لقصف إسرائيلي مستمر منذ 7 أكتوبر الماضي، ولم يتوقف إلا في هدنة استمرت من 24 نوفمبر الماضي وحتى صباح الجمعة 1 ديسمبر الحالي.
من ناحيته، ينقل مدير مستشفى غزة الأوروبي، يوسف العقاد، ملامح المشهد داخل وحول المستشفى الواقع في جنوب مدينة خان يونس، وقريب من رفح، ويقول: "بعد استئناف الاعتداءات استقبلنا الكثير من الجرحى، واضطررنا لوضع بعضهم في مدارس قريبة من المستشفى، وأقمنا خيامًا بساحة المستشفى، وحاليًا نحن غير قادرين على تقديم الخدمات الطبية في حدها الأدنى لهذا الكم الهائل من الجرحى والمرضى، لا سيما بعد حصار وقصف مستشفيات الشمال، وإجبار الجرحى على النزوح إلى هنا".
ويضرب مثالًا على حجم الضغط الذي يواجهونه بأن "الأطقم الصحية، وخاصة أطباء العظام كانوا يعالجون في الطبيعي 27 مريضًا؛ لكنهم يقدمون الآن خدمات لأكثر من 700 مريض يعانون كسورًا مختلفة، هذا بخلاف النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات العلاجية والكوادر الطبية.. الوضع معقد جدًّا".
والجمعة، استأنفت قوات الاحتلال الإسرائيلية اعتداءاتها في غزة، بعد انتهاء الهدنة المؤقتة التي أتاحت إطلاق سراح 80 رهينة إسرائيلية و240 سجينًا فلسطينيًّا، وكذلك أطلق سراح أجانب معظمهم تايلانديون يعملون في إسرائيل، من خارج إطار اتفاق الهدنة.
من جديد، عاود جيش الاحتلال الإسرائيلي مطالبة سكان قطاع غزة، بإخلاء أماكنهم، قائلًا على لسان المتحدث باسمه "أفيخاي أدرعي"، السبت: "ندعوكم لإخلاء منازلكم فورًا"، وخاصة في جباليا والشجاعية والزيتون والبلدة القديمة (شمالًا)، والتوجه عبر محورين مركزيين إلى منطقة درج طوبه والمنطقة الغربية بغزة.
وجنوبًا، طالَبَ بإخلاء مناطق في خربة خزاعة وعبسان وبني سهيلا ومعن والقرارة، والتوجه إلى رفح ومنطقة المواصي الإنسانية.