في محاولة فرنسية لإيجاد حلّ للأزمة المتفاقمة في لبنان، أعلنت باريس تعيين وزير خارجيتها السابق جان إيف لودريان، مبعوثًا خاصًّا إلى بيروت التي تواجه أزمة سياسية واقتصادية خانقة تحتاج لإصلاحات شاملة وعاجلة؛ وفق صندوق النقد الدولي.
ووفق وسائل إعلام فرنسية ولبنانية: فإن مهمة "لودريان" الذي يتمتّع بخبرة واسعة في إدارة الأزمات وعلى دراية بالتجاذبات بين فرقاء البلد العربي، تتمثّل في إيجاد حل توافقي وفعال للأزمة المتفاقمة منذ انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020.
ويقول خبراء: إن التعيين يحمل دلالات ودوافع عدة؛ من بينها اهتمام باريس بحلّ الأزمة مقابل لعب دور كبير بالساحة الداخلية اللبنانية، وإعلان فرنسي بفشل المبادرة السابقة التي قادها المبعوث الفرنسي باتريك دوريل لترشيح سليمان فرنجية لمنصب الرئيس، وضمان استمرار عمل شركة توتال الفرنسية في بيروت بعد ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل؛ بحسب "سكاي نيوز عربية".
ووفق مراقبين: فإن مهمة "لودريان" لن تكون سهلة، وهي ستركز على خيارين؛ إما إقناع "حزب الله" و"حركة أمل" بعدم عرقلة وصول الوزير السابق جهاد أزعور للرئاسة، أو الذهاب لبديل ثالث يجري التوافق عليه".
وتأتي خطوة الرئيس الفرنسي "ماكرون" بعد تقاطع قوى المعارضة و"التيار الوطني الحر" على ترشيح مسؤول صندوق النقد الدولي جهاد أزعور للرئاسة، بهدف الإطاحة برئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، الذي تدعم باريس ترشيحه؛ مما يمثل تحديًا للأخير مرشح حزب الله؛ بحسب "رويترز".
كما جاءت في ظل دخول لبنان منذ أشهر في أزمة سياسية خانقة ومتشابكة، وفراغ في منصب رئيس الجمهورية؛ إذ فشل البرلمان اللبناني في انتخاب رئيس للبلاد على مدار 11 جلسة، بسبب انقسام بين فريق "حزب الله" والمعارضين له.
وعلى إثر ذلك دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري، النواب، الاثنين الماضي، إلى جلسة تصويت جديدة لانتخاب الرئيس، يوم الأربعاء المقبل.
وبحسب موقع "سكاي نيوز عربية"، ووفق مصادر فرنسية ولبنانية: فإن تعيين لودريان السياسي المخضرم جاء لدرايته بالوضع المتشابك في لبنان، وعلاقاته العربية والأمريكية المتشعبة تؤهله للتعامل مع كل الفرقاء الدوليين والمحليين للوصول إلى تفاهمات لانتخاب الرئيس؛ حيث التعيين بمثابة إعلان فشل تبني ترشيح فرنجية للرئاسة اللبنانية، وجاء بعد لقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي وماكرون مؤخرًا؛ حيث هناك إجماع مسيحي يرفض الاصطفاف الفرنسي وراء مرشح حزب الله.
ويشهد البلد، الذي يعيش أكثر من 80 بالمئة من سكانه تحت خط الفقر، منذ 2019؛ انهيارًا اقتصاديًّا صنفه البنك الدولي من بين الأسوأ عالميًّا، في وقت تدرس واشنطن فرض عقوبات على معرقلي انتخاب الرئيس؛ بحسب "رويترز".
ووفق وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا، يوم الخميس: فإن فرنسا "ليس لديها أي مرشح رئاسي، وما يهم باريس أن يصبح للبنان رئيس؛ حيث لودريان سينشط ليسرّع في مسار انتخاب الرئيس".
وبحسب الخبير اللبناني المتخصّص في الشؤون الدولية حبيب الرز: فإن "ماكرون" يريد من وراء ترشيح لودريان ضمان أمن قوات اليونيفيل والكتيبة الفرنسية؛ حيث يعتقد "ماكرون" أن التقارب مع حزب الله يضمن أمن كتيبته، وضمان استمرار شركة توتال الفرنسية في أعمالها بعد ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، والبحث عن دور جديد، وأن تكون باريس راعية لكل التقاربات المقبلة بين اللبنانيين، والقرار يعكس توجس فرنسا من خسارة دورها بعد تشنج علاقتها بالقوى المسيحية مقابل التفاهم مع حزب الله.