رغم الجهود التي بذلتها الدوحة لإنكار أي صلة بفضيحة بنك باركليز البريطاني، تستمر المحاكمة التي تحظى باهتمام واسع؛ إذ يمثل ثلاثة مسؤولين تنفيذيين في البنك أمام هيئة محلفين في لندن الاثنين القادم.
ويواجه المسؤولون اتهامات بالتحايل فيما يُعرف بقضية الأموال القطرية المتعلقة بكيفية حصول البنك على المليارات من الجنيهات من مستثمرين قطريين إبان الأزمة المالية عام 2008.
وتصب مجمل الاتهامات الموجهة لثلاثة من قيادات البنك، منهم الرئيس السابق لأنشطة تمويل الشركات ريتشارد بوث، بقضية التحايل وترتيب صفقات غير مشروعة، مولتها رشاوى دفعتها الدوحة.
وتُعد المبالغ المحسوبة في القضية خيالية؛ إذ تجاوزت 11 مليار جنيه إسترليني، وقد وصلت لمديري البنك سرًّا من قطر، وتفادى "باركليز" إثرها مساعدة حكومية مباشرة خلال أزمة الائتمان العالمية.
وقبضت الدوحة ثمن الرشاوى الثقيلة على مراحل من خلال عقود وصفقات، كان المستفيد الأساسي منها شركة "قطر القابضة".
كذلك تشير تفاصيل القضية إلى ملايين إضافية، تجاوزت قيمتها 320 مليون جنيه إسترليني، قال مكتب مكافحة جرائم الاحتيال إن مستثمرين قطريين، وعلى رأسهم رئيس الحكومة القطرية حينها حمد بن جاسم، حصل عليها في صفقات جانبية، دُفعت عبر قنوات سرية، مقابل ضمان استثمار قطر في طلبين لدفعة من رأس المال.
وينفي المصرفيون جميع التهم المنسوبة لهم، في حين كشفت مصادر في مكتب مكافحة جرائم الاحتيال البريطاني في محاكمة "بنك باركليز" فبراير الماضي أدلةً تثبت تورط قطر، ورئيس وزرائها السابق حمد بن جاسم، في فضيحة بنك باركليز، ومحاولات إخفاء هذا الدور، حسبما نقلت صحيفة "غارديان" البريطانية.
وتُليت أمام هيئة المحلفين في محكمة ساوث آرك البريطانية العديد من رسائل البريد الإلكتروني، وسُمعت العديد من التسجيلات لمكالمات هاتفية، تكشف عن "التورط القطري".
وبيّنت هذه الرسائل والمكالمات الهاتفية التي عرضها محامو الادعاء مدى الضغوط التي مارسها المسؤولون القطريون على كبار المسؤولين في البنك من أجل إخفاء "حصة حمد بن جاسم" في بنك باركليز، بينما كانت قطر تقترب من تقديم حزمة الإنقاذ التي ساعدت البنك على تجنب حزمة الإنقاذ المالي الحكومية.
وتكشف هذه الرسائل والاتصالات المحادثات والنقاشات حول كيفية إفصاح البنك عن حصة ابن جاسم "المخطط لها" في البنك عبر الأداة الاستثمارية القطرية "تشالينجر".
واستمعت المحكمة إلى أن حمد بن جاسم تورط أول مرة في محادثات التمويل مع باركليز، من خلال دوره بوصفه رئيسًا لشركة "قطر القابضة" عام 2008. لكن في تسجيل لمكالمة هاتفية، عُرضت أمام هيئة المحلفين، قال ريتشارد بوث للرؤساء التنفيذيين في البنك: "إنه (ابن جاسم) يفضل أن يكون لأسرته بعض الحصص في باركليز" أيضًا.
وفي إحدى الرسائل الإلكترونية التي قُرئت في المحكمة كتب بوث لزملائه، بمن فيهم المحامية جوديت شيبرد، وقال مفصلاً بشأن اجتماع له مع رئيس الشؤون القانونية القطري أحمد السيد، إنه تم إبلاغه بأن "سعادته لا يريد أن يكون بارزًا"، وأنه يفضل البقاء مستترًا، كما يفضل "أن تكون أداته الاستثمارية هي المستثمر الخامس، وتوقَّع اتفاقية الاكتتاب الخاصة بها".
وفي المقابل أبلغه بوث بأنه لا بد من الكشف عن هوية هذه الأداة الاستثمارية، فقال أحمد السيد إن على بنك باركليز أن "يجد طريقة بارعة لهذا الأمر من أجل إبقاء حمد بن جاسم بعيدًا عن الأنظار".
وفي رسالة إلكترونية أخرى، تُليت أمام المحكمة، قال بوث إن أحمد السيد عبّر عن سروره بكيفية الكشف عن الاستثمار، طالما أنه لا يوجد هناك دليل على مَن يملك تلك الأداة الاستثمارية.