يشهد المشهد السياسي الأمريكي جدلاً محتدماً حول مستقبل الاحتياطي الفيدرالي، مع تصاعد الدعوات لإعادة هيكلة جذرية للمؤسسة المالية الأقوى في البلاد، وقد أشعل إيلون ماسك فتيل هذا النقاش عبر منصته "إكس"، مؤكداً ضرورة إخضاع المؤسسة للسلطة التنفيذية "إدارة ترامب" وإشراف الرئيس مباشرة.
وتزامنت تصريحات ماسك مع تأكيد جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، رفضه الاستقالة حتى لو طلب منه الرئيس المنتخب دونالد ترامب ذلك، مما يشير إلى احتمال مواجهة قادمة بين السلطة التنفيذية والبنك المركزي.
وتمتد جذور المطالبة بإلغاء الاحتياطي الفيدرالي إلى سنوات طويلة، حيث قدم عدد من السياسيين مقترحات لتفكيك البنك الاحتياطي الفيدرالي ونقل صلاحياته إلى وزارة الخزانة. ويأتي في مقدمة هؤلاء النائب السابق رون بول والنائب الجمهوري توماس ماسي، وفقاً لشبكة "سي إن إن".
ورغم أن ترامب لم يعلن صراحة دعمه لتفكيك الاحتياطي الفيدرالي، إلا أن وعوده الانتخابية تضمنت تغييرات جوهرية في قواعد عمل البنك المركزي، خاصة فيما يتعلق بخفض أسعار الفائدة.
تكتسب المعركة حول استقلالية الاحتياطي الفيدرالي أهمية خاصة مع اقتراب عام 2025، خاصة مع سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ وتشكيل المحكمة العليا المحافظ نسبياً.
لكن السوابق القضائية الأخيرة تشير إلى أن تحدي استقلالية المؤسسات الفيدرالية قد لا يكون مضمون النتائج. فقد أيدت المحكمة العليا مؤخراً استقلالية هيئة حماية المستهلك المالية، ورفضت النظر في قضية تهدد لجنة السلامة الاستهلاكية المستقلة.
يواجه أي تغيير جذري في هيكل الاحتياطي الفيدرالي تحديات قانونية كبيرة. فالقانون الحالي لا يسمح بإقالة رئيس البنك المركزي إلا "لسبب وجيه"، وهو مصطلح لم يتم تحديد تفسيره بدقة، لكنه يتجاوز مجرد الخلافات السياسية مع الرئيس.
وستكون المعركة القادمة اختباراً حقيقياً لمدى قدرة المؤسسات الأمريكية على الحفاظ على استقلاليتها في مواجهة الضغوط السياسية، وقد تحدد مستقبل النظام المالي الأمريكي لعقود قادمة.