كشف التحقيق الذي أجراه مركز الأبحاث السويدي "نورديك مونيتور" عن الدور المحوري الذي يلعبه السفير التركي في الدوحة في العلاقات السرية التي تجمع أسرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعائلة "آل ثاني" الحاكمة في قطر.
كيف بدأت القصة؟
في 2017 عيَّن "أردوغان" فكرت أوزر، زميل طفولته، زميل الدراسة القديم، سفيرًا للبلاد لدى قطر، ومنذ ذلك الحين قام "أوزر" بتنسيق الاتصالات الرسمية والخاصة للرئيس أردوغان مع العائلة الحاكمة في قطر، وشارك في العلاقات بين المنظمات المثيرة للجدل للغاية، ورجال الأعمال والجماعات الخيرية في تركيا، ونظرائهم القطريين؛ إذ إنه يعمل كمبعوث شخصي لأردوغان أكثر من كونه سفيرًا يمثل مصالح الدولة التركية، بحسب "نورديك مونيتور".
ففي الوقت الذي فصلت فيه وزارة الخارجية التركية دبلوماسييها المؤهلين دون إجراء تحقيق قضائي أو إداري فعّال في أعقاب محاولة الانقلاب المزعوم في 15 يوليو 2016، أصبح صديق طفولة أردوغان "أوزر"، المعروف باسم الدبلوماسي الأقل مهارة، أول مسؤول إداري في الخارجية التركية.
وكجزء من ولايته السرية أقام "أوزر" علاقات مع ممثلي جماعة الإخوان المسلمين، وشخصيات متطرفة عدة، تقيم في قطر، إضافة إلى يوسف القرضاوي، الزعيم الروحي لجماعة الإخوان المسلمين. والتقى "أوزر" الزعيم السابق لحماس خالد مشعل خلال فترة وجوده في الدوحة.
صلاته بمنظمات مشبوهة
وبحسب التحقيق، فقد قدَّم السفير التركي الدعم لهيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات(IHH) من أجل الحفاظ على شراكتها مع مؤسسة قطر الخيرية. وتُعرف هذه الهيئة كأداة لوكالة الاستخبارات التركية، وتخضع للتحقيق من قِبل الشرطة التركية؛ إذ إنه سبق أن اتُّهمت بتهريب الأسلحة إلى الإرهابيين المرتبطين بتنظيم القاعدة في سوريا وليبيا.
وحققت الشرطة التركية في صلات الهيئة التركية آنفة الذكر بمؤسسة قطر الخيرية، لكن "أردوغان" تدخَّل، وأوقف القضية في عام 2014، وقام بفصل ضباط الشرطة المعنيين بالتحقيق في وقت لاحق.
وقبل التحقيق في تركيا كانت مؤسسة قطر الخيرية قد اتُّهمت بالفعل من قِبل النيابة العامة الأمريكية بأنها بمنزلة قناة مالية كبيرة لتمويل هجمات القاعدة ضد سفارتَي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا في عام 1998. ولوحظ أن أسامة بن لادن استخدم موارد قطر الخيرية لتمويل أنشطة القاعدة في التسعينيات. وعلاوة على ذلك، ذكرت المخابرات الفرنسية في عام 2013 أن قطر الخيرية شاركت في تمويل مجموعة في مالي مرتبطة بتنظيم القاعدة.
وبالنظر إلى سِجل الأحداث في كل من مؤسسة قطر الخيرية والهيئة التركية، يبدو أن هناك تطابقًا مثاليًّا بين المؤسستين؛ إذ يمول كل منهما الجماعات المسلحة، ويحظى بسمعة سيئة، ويتوشح المجال الإنساني والإغاثي كستار عن الأعمال القذرة.
بيع الجنسية والالتفاف على العقوبات
قبل تعيينه سفيرًا في الدوحة ترقى "أوزر" إلى منصب القنصل التركي العام في مدينة جدة في السعودية لاكتساب بعض الخبرة للخطوة التالية في الدوحة.
ووفقًا للتسجيلات التي تم التقاطها في عمليات التنصت على المكالمات الهاتفية للشرطة في عام 2013، أخبر إجين باغيس، الوزير التركي لشؤون الاتحاد الأوروبي آنذاك، رضا ضراب، مصرفي إيراني متهم حاليًا في قضايا غسل أموال، بأن "أوزر" كان يعمل في بيع الجنسية التركية إلى السكان الأفغان في المملكة العربية السعودية مقابل 100 ألف دولار خلال إقامته في جدة.
وكان (باغيس) أحد أربعة وزراء أُجبروا على الاستقالة في 25 ديسمبر 2013 بعد الكشف عن تحقيقَيْن في الفساد في 17 و25 ديسمبر 2013؛ إذ تورطت الدائرة الداخلية لرئيس الوزراء آنذاك "أردوغان".
وقد اتُّهم بقبول رشاوى من "ضراب" في مخطط للتحايل على العقوبات الأمريكية على إيران.