
أكد السيد الرئيس أحمد الشرع أن الهوية البصرية الجديدة للجمهورية العربية السورية تعبّر عن سوريا التي لا تقبل التجزئة ولا التقسيم، الواحدة الموحّدة، وتعكس التنوع الثقافي والعرقي.
مشددًا على أنها تعبّر أيضًا عن بناء الإنسان السوري، والقطيعة مع منظومة القهر والاستبداد، وتشكل بداية هوية جديدة لدولة عزيزة، وحياة كريمة تنتظر السوريين.
وقال الرئيس الشرع في كلمة اليوم خلال احتفالية إطلاق الهوية البصرية في قصر الشعب بدمشق: "في يوم من الأيام، وفي غابر الزمان، وُلدت حكاية، حكاية مدينة اجتمع فيها معشر من الناس. يُقال إن سيرة أوائل الخلق بدأت فيها، واستنشق منها عبق الحياة، وتكاثر الناس. ولكثرتهم بدأت البشرية تحتاج إلى الاجتماع، وتتعلم قواعد بناء الأعراف الاجتماعية والسلوك المنضبط لسلامة الحياة. زرعوا وصنعوا وبنوا قواعد العيش فيها. وبدأ العالم ينطلق منها ومن محيطها، وهكذا حتى تأهلوا ليكونوا أول عاصمة تعرفها البشرية."
وتابع الرئيس الشرع: "راح الناس يستأنسون بما حصل من إنجاز بشري فريد في ذاك الزمان، وبدأت عواصم ومدن أخرى تسير على نفس النفس، وعين الخطى. فأكرم الله هذه المدينة الجميلة وأكرم أهلها، واكتسبت بذلك أهمية عظمى، فباتت مطمعًا للغزاة، ونال منها من كان يتعلم منها بين شرق وغرب. حتى أنقذها أجدادنا وأعادوا إحياءها، وأكرموها أيما إكرام. فحكموا وعدلوا، وبات خيرها يعم شرق الأرض وغربها. ولم تزل شامخة صامدة رغم كيد الطغاة، وغزو الغزاة، ومطامع الطامعين. إنها الشام. إنها دمشق. إنها العزّة والمجد."
وأضاف الرئيس الشرع: "من يستعرض التاريخ يجد أن الشام هي بداية حكاية الدنيا ومنتهاها. ويتبين له أن ما عشناه في زمن النظام البائد، لهو أهون وأذلّ حقبة في تاريخ الشام. وأن لأحداث الشام الأثر البالغ في مفاصل التاريخ الكبرى."
وتابع الرئيس الشرع: "أيها الشعب السوري، إن حكاية الشام تستمر بكم. فيحكي التاريخ أن عصر أفولكم قد ولّى، وأن زمان نهضتكم قد حان. وأن دماءكم لم تذهب سُدى. وأن عذاباتكم لاقت آذانًا مُصغية. وأن هجرتكم قد انقطعت، وسجونكم قد حُلّت. وأن مع العسر يسرًا، وأن الصبر أورثكم النصر، وأن الله معكم، ولن يتركم أعمالكم. وأن العالم كله اليوم ينظر لكم بفخر لجميل ما صنعتم."
وقال رئيس الجمهورية: "أيها الشعب السوري الكريم، إن احتفال اليوم لهو عنوان لهوية سوريا وأبنائها بمرحلتها التاريخية الجديدة. هوية تستمد سماتها من هذا الطائر الجارح. تستمد منه القوة والعزم، والسرعة، والإتقان، والبصر الحاد، والقنص الذكي، والابتكار في الأداء. فهو المناور البارع، والسابح في الفضاء، المُحلّق في العلياء. وهو الصائد الماهر، والمنقضّ المحترف، والباسط جناحيه لحماية أهله وأبنائه. ولونه لون المعدن النقي الصافي الذي لا يبلى. وهكذا حال أهل سوريا عبر التاريخ. وهكذا يجب أن يكونوا في عصرهم الجديد."
وأضاف الرئيس الشرع: "شعبُنا العظيم، إن الهوية التي نُطلقها اليوم تعبّر عن سوريا التي لا تقبل التجزئة ولا التقسيم. وهي من شمالها لجنوبها، ومن شرقها لغربها، واحدة موحّدة. وإن التنوع الثقافي والعرقي عامل إغناء وإثراء، لا فرقة أو تنازع. هوية تعبّر عن بناء الإنسان السوري، وترمّم الشخصية السورية التي ألفت الهجرة، والبعد عن الوطن، بحثًا عن الأمن والمستقبل الواعد. فنعيد إليها ثقتها وكرامتها، وموقعها الطبيعي في الداخل والخارج، ليكون الإنسان السوري مواطنًا فاعلًا في بلده، متسلّحًا بالعلم والمعرفة، يعيش قضايا شعبه، ويساهم بكل حب وتفانٍ في بناء مؤسساته."
وتابع الرئيس الشرع: "وهذا كله لن يكون إلا بالإيمان، وتطوير العلم، والنهوض بالواقع الاقتصادي. فالاقتصاد ليس أرقامًا فقط، بل كرامة يومية تبدأ من فرص عمل حقيقية، واستثمار آمن، وعدالة في التوزيع، وتنتهي بثقة المواطن بدولته، وبمستقبل أولاده على هذه الأرض الطيبة."
وختم الرئيس الشرع بالقول: "لا يمكننا أن نحتفي بهذه المناسبة دون أن نوجه تحية صادقة ممتنّة لكل الشباب السوري الذين ساهموا في بناء هذه الهوية. لكل من شارك فيها داخل البلاد وخارجها، مبادرين، ومبدعين، ومتحدّين الظروف، ومؤمنين بأن سوريا الحبيبة تستحق المزيد. معلنين بذلك القطيعة مع منظومة القهر والاستبداد، وبداية هوية جديدة لدولة عزيزة، وحياة كريمة تنتظر السوريين، وتسرّ قلوب الناظرين. فقد أثبتم جميعًا أن سوريا لا تنقصها المواهب، بل تحتاج فقط إلى ثقة واحتضان. وها نحن نبدأ معكم ومنكم صفحة جديدة تُكتب بنور لا ينطفئ بإذن الله."