أثار انسحاب روسيا من اتفاقية تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، التي رعتها الأمم المتحدة وتركيا؛ انتقادات وردود أفعال غاضبة واسعة النطاق في العالم، لاسيما بعد تهديد روسيا بأنها ستتعامل مع كل السفن المتّجهة إلى المياه الأوكرانية كأهداف عسكرية محتملة، في أعقاب قصفها موانئ ومنشآت زراعية أوكرانية؛ ما أدى إلى ارتفاع أسعار العقود الآجلة للقمح بنحو 9 في المائة، فما الخسائر والتداعيات السلبية التي تعرضت لها روسيا باتخاذها قرار الانسحاب من اتفاقية تصدير الحبوب؟
تعرّضت روسيا لانتقادات دولية واسعة من الخصوم والأصدقاء على السواء، فقد دفع قرار الانسحاب دولة تحتفظ بعلاقات جيدة مع روسيا؛ مثل الصين ومصر ودول أفريقيا، إلى انتقاد موسكو، فشدّد الممثل الصيني لدى الأمم المتحدة قنغ شوانغ، على ضرورة تنفيذ الاتفاقيات بطريقة متوازنة وشاملة وفعالة، وذلك في ضوء أن الصين هي أكبر مستورد للحبوب الأوكرانية، بينما حذر ممثل موزمبيق لدى الأمم المتحدة فيليبي تشيدومو، من تعليق الاتفاقية؛ لأنه سيؤدي بالتأكيد إلى تضخيم الضغوط الاجتماعية والاقتصادية العالمية، ودعا جميع الأطراف إلى إعادة الالتزام بالاتفاق، وتشير هذه المواقف إلى احتمالية خسارة روسيا لأصدقائها.
وتطابق موقف أصدقاء روسيا مع خصومها الرافضين لغزوها لأوكرانيا؛ فقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد: "إن روسيا تشنّ حربًا على إمدادات الغذاء في العالم، ولا يوجد سبب شرعي لروسيا لتعليق مشاركتها في الاتفاقية التي سيعاني على إثرها الملايين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، بينما أشار مندوب فرنسا الدائم لدى الأمم المتحدة نيكولا دي ريفيير، إلى أن "روسيا تسعى من وراء قرارها الأخير إلى زيادة لتمويل حربها العدوانية ضد أوكرانيا".
أما المنظمات الدولية فقد حذّر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، من أن أكثر الناس احتياجًا في العالم سوف يجوعون، وقد يموت الكثيرون نتيجة لهذه القرارات، وذلك في إطار ما أظهرته أرقام الأمم المتحدة من أن 64 بالمئة من القمح، و51 بالمئة من الذرة المصدرة بموجب الاتفاقية، ذهبت إلى الدول النامية التي تعدّ الطرف الأكثر تضرُّرًا من القرار الروسي بالانسحاب من اتفاقية تصدير الحبوب، لكن روسيا لن تكون بمنأى من الضرر؛ إذ سيؤدي قرارها إلى تكبدها خسائر مالية نتيجة عدم السماح لها باستئناف صادراتها من الأغذية والأسمدة إلى الأسواق العالمية، كما كانت تضمنه لها اتفاقية تصدير الحبوب.