بطُرق خفية ولكن بصوت متزايد، يُردد قادة الجيش الإسرائيلي أن الجيش حقّق كل ما يمكن تحقيقه عسكريًّا في لبنان وغزة، وحان الوقت لكي يتوصل السياسيون إلى صفقة، في الوقت الذي أعلن فيه رئيس وزراء لبنان أن وقف إطلاق النار بين "حزب الله" وإسرائيل قد يكون وشيكًا، كما أكّد المرشحان للرئاسة الأمريكية أنهما لا يريدان أن تكون الحروب في غزة ولبنان على جدول أعمالهما عند توليهما المنصب.
وعندما جلس رئيس الأركان الإسرائيلي "هرتزي هاليفي" مع ضباط في شمال غزة، الذين يخوضون إحدى أشرس العمليات العسكرية منذ الغزو الذي وقع في العام الماضي، ذهب إلى أبعد من أي وقت مضى في الإيحاء بأن المراحل العسكرية لكلا النزاعين يجب أن تنتهي.
وتعهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مرارًا بتحقيق "النصر المطلق"، وقد عبر وزير الدفاع وخصمه السياسي القديم "يوآف غالانت" عن استيائه من هذا الهدف؛ ففي أغسطس الماضي قال أمام اجتماع لجنة برلمانية مغلقة: "إن فكرة النصر المطلق في غزة هي هراء"، وأصبح رأي "غالانت" السلبي تجاه هدف حرب "نتنياهو" رسميًّا عندما أرسل مذكرة خاصة إلى رئيس الوزراء وبقية حكومته هذا الأسبوع، قائلًا: "إن الحرب قد فقدت طريقها"؛ وفقًا لشبكة "سي إن إن".
وقال "غالانت" في المذكرة، وفقًا لقناة 13 الإسرائيلية، وهي قناة تابعة لـ"سي إن إن": "الوضع الحالي الذي نعمل فيه، دون بوصلة صالحة ودون أهداف حرب محدثة، يقوض إدارة الحملة وقرارات مجلس الوزراء".
وفي غزة كتب أنه ينبغي على إسرائيل ضمان إطلاق سراح بقية الرهائن، والتأكد من عدم وجود تهديد عسكري من حركة "حماس"، وتعزيز الحكم المدني، وهذا يبعد كثيرًا عن هدف الحرب الحالي المتمثل في القضاء على القدرات العسكرية والإدارية لـ"حماس".
وأعرب رئيس الوزراء اللبناني المكلف "نجيب ميقاتي"، أمس، عن تفاؤله بشأن إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين "حزب الله" وإسرائيل خلال الساعات أو الأيام القليلة القادمة، بعد محادثة مع المبعوث الأمريكي "آموس هوشتاين"، الذي وصل إلى المنطقة الخميس الماضي.
وأشار "ميقاتي" في مقابلته إلى أن "حزب الله" لم يعد يصر على أن نزاعه مع إسرائيل لن يتوقّف إلا بعد انتهاء الحرب في غزة. وهذا من شأنه أن يسمح له بقبول وقف إطلاق النار دون إنهاء الحملة في غزة.
وقال شخص مطلع على تفكير الحكومة الإسرائيلية لـ"سي إن إن": "هناك رغبة في إنهاء الحرب في لبنان بينما نحن في المقدمة".
واعتبر "غالانت" أن "حماس" و"حزب الله" أصبحا الآن عديمين الفعالية كوكيلين لإيران، وقال خلال حفل تأبيني: "إن هاتين المنظمتين حماس وحزب الله، اللتين تم إعدادهما لسنوات كذراع طويلة ضد دولة إسرائيل، لم تعودا أداة فعالة في أيدي إيران، ونحن نعلم أن بعض الأهداف لا يمكن تحقيقها بالعمل العسكري وحده، وبهذا يجب علينا أن نفي بالتزاماتنا الأخلاقية بإعادة أسرانا إلى الوطن، على الرغم من التنازلات المؤلمة التي تنطوي عليها".
ومع ذلك ظلّ نتنياهو متحدِّيًا. عندما عاد الكنيست، البرلمان الإسرائيلي، من عطلته هذا الأسبوع، بدا رئيس الوزراء وكأنه يكرر هدفه الأقصى، وأشار إلى أنه من غير المرجح أن يقبل بأي نتيجة قريبًا، وقال: "النصر المطلق هو خطة عمل منظمة ومتّسقة ننفذها خطوة بخطوة".
وتجري إسرائيل و"حماس" مفاوضات غير مباشرة في قطر لأول مرة منذ شهرين، وقال مصدر مطلع على المحادثات لـ"سي إن إن": "إن نتنياهو لا يزال يرفض تقديم أي ضمانات ملموسة بشأن مسار للتوصل إلى صفقة أكبر لإنهاء الحرب".