سخر الكاتب والمحلل السياسي ديفيد شينكر، من "تفاخر" الرئيس الأمريكي جو بايدن حول الدور الأمريكي في الشرق الأوسط، معتبرًا أن ما ذكره الرئيس الأمريكي لصحيفة واشنطن بوست حول أن الشرق الأوسط في عهد إدارته أصبح "أكثر استقرارًا وأمانًا"، أن ذلك غير صحيح، وأن الولايات المتحدة بحضورها وسياسة إدارة الرئيس بايدن جعلت العراق تحديدًا أقل استقرارًا مما كان عليه في مطلع 2021م. "كما أن التهديدات المحدقة بالمصالح الأمريكية فيه قد تفاقمت".
تخاذل صريح
وأورد بينكر في مقالة موسعة له نشرها معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى العديد من المؤشرات والدلالات التي تؤكد على "تخاذل" الإدارة الأمريكية الحالية في سياستها نحو العراق.
ومضيفًا في مرارة: "لأن العراق مهم للولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة فلم يخسر آلاف الأمريكيين أرواحهم وأطرافهم بغية مساعدة العراق على النهوض بعد عهد صدام حسين فحسب، بل وبخلاف أفغانستان، العراق شريك حقيقي في مكافحة الإرهاب وأمامه فرصة فعلية ليصبح دولةً ديمقراطيةً متكاملة، كما يتمتع بموقع جيواستراتيجي حيوي، ويختزن خامس أكبر احتياطي نفطي في العالم، ويقع على الخطوط الأمامية للتصدّي لجهود إيران الرامية إلى توسيع نفوذها في جميع أنحاء الشرق الأوسط".
لم يعد أولوية!
واستنكر الكاتب سياسة الإدارة الأمريكية الحالية، مستشهدًا، ضمن استشهادات عديدة، بأنه بينما يبدو أن واشنطن تقترب أكثر فأكثر من التوصل إلى اتفاق نووي مع طهران، فقد أصبح التصدّي لتدخُّلها في بغداد أكثر إلحاحًا، سواء بالنسبة للولايات المتحدة أو لشركائها في المنطقة.
معتبرًا أنه في حين "صوّت العراقيون بشجاعة للأحزاب المعارضة للهيمنة الإيرانية، أدّت المقاربة التي انتهجتها إدارة بايدن لاحقًا والقائمة على عدم التدخل بعملية تشكيل الحكومة، إلى السماح للملالي بتحويل الهزيمة إلى نصر. ولسبب غير واضح يبدو أن العراق، حيث خاضت الولايات المتحدة حربين رئيسيتين في العقود الأخيرة، لم يعد أولوية بالنسبة لواشنطن، لكنه، ولسوء الحظ، أولوية بالنسبة لطهران".
لا مبالاة
واعتبر الكاتب أن غياب انخراط إدارة أمريكية رفيعة المستوى في محاولات العراق لتشكيل حكومة بعد الانتخابات لم يكن مجرد إغفال غير مقصود، بل قرار متخذ عن سابق تصور وتصميم، مستشهدًا بما قاله أحد كبار المسؤولين في إدارة بايدن طلب عدم الكشف عن هويته وبغير مبالاة في ديسمبر الماضي، كانت خطة الإدارة الأمريكية تقضي بـ"ترك العراقيين ليحلّوا مشاكلهم بأنفسهم".
العراق ليس بلدًا عاديًّا
وأبدى الكاتب أسفه الشديد على ترك الولايات المتحدة المجال لإيران للتوغل أكثر في الشأن العراقي قائلًا: "وعادةً لا تدلي واشنطن برأيها حول نتائج الانتخابات في دول أخرى، وتفضل بدلًا من ذلك التركيز على دعم المؤسسات. لكن للأسف العراق ليس بلدًا عاديًّا، بالنظر إلى أن الحكم الديمقراطي الناشئ فيه يواجه العديد من الصعوبات في ظل الضغوط التي تمارسها الذراع الإيرانية الطويلة النافذة في العراق، أي ميليشيا "قوات الحشد الشعبي" التي يبلغ قوامها حوالي 100 ألف عنصر.
فراغ أمريكي
وقد تكون الانتخابات التي شهدها العراق قد ساهمت في نهاية المطاف في إضعاف قبضة إيران الخانقة على البلاد، لكن فكّ الارتباط الأمريكي خلال عملية تشكيل الحكومة ترك فراغًا لم تتأخّر طهران في سدّه".