على نقيض ما تروج له الحكومة التركية وفي مسار معاكس لأهداف خطة الإصلاح التي أعلنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وخلافًا لكل ما جاء في الحملة الدعائية لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية؛ جاءت إفادة مؤسسة "جيوكوانت" الاستشارية التي تحدد حجم المخاطر للمستثمرين استنادًا لمؤشرات الحوكمة ومؤشرات اجتماعية وأمنية، بأن تركيا باتت سوقًا غير آمنة للاستثمار وذات مخاطر عالية جدًّا.
وبحسب المصدر ذاته: فإن المخاطر ارتفعت إلى أعلى مستوى قياسي لدرجة المخاطر؛ وفقًا لعدد من المؤشرات.
وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء، أمس الجمعة، أن مؤشر مخاطر تركيا ارتفع إلى 48.60 نقطة على مقياس من صفر إلى 100 نقطة؛ حيث إن ارتفاع الرقم يعني ارتفاع درجة المخاطر.
وتشير التوقعات بالنسبة للشهر الذي ينتهي يوم 4 أبريل، إلى أن مخاطر تركيا سترتفع أكثر، وسجلت أنقرة في المتوسط خلال العام الماضي 88.59 نقطة.
ووفق موقع "أحوال تركية": تأتي هذه الأرقام في الوقت الذي يكابد فيه "أردوغان" لاستقطاب استثمارات أجنبية لإنعاش الاقتصاد المتعثر، ومن المتوقع أن يؤثر هذا التقييم على جهود لا تهدأ لإنقاذ الاقتصاد من حالة الركود.
وقد قدم في الأشهر الأخيرة عروضًا مغرية للمستثمرين الأجانب دون جدوى، فيما يراهن على حملة علاقات عامة لتحسين صورة بلاده بعد أن تسببت سياساته وتدخلاته في السياسة النقدية ومحاولته الهيمنة على إدارة البنك المركزي في حالة من الاضطراب المالي وتراجع في احتياطات النقد الأجنبي.
والوضع الراهن ليس نتاج تطورات حديثة؛ بل هو تراكمات لسنوات من التدخلات والسلوك العدواني للرئيس التركي داخليًّا وخارجيًّا، حتى أصبحت السوق التركية طاردة للاستثمار.
ومن معركة خفض الفائدة التي أعلنها على خلاف رغبة خبراء الاقتصاد، إلى حملة التطهير في البنك المركزي وتعيين الموالين له، وصولًا إلى سياسات قمع الحريات واستهداف المعارضة؛ وجدت تركيا نفسها في أسوأ أزمة مالية بعد أن تراجعت تقريبًا جميع المؤشرات، وكان انهيار الليرة في موجات هبوط متتالية أبرز ملامح تدمير الاقتصاد.
وعلى الجبهات الخارجية تسبب السلوك العدواني لتركيا والنهج الصدامي الذي اتبعه أردوغان في التعاطي مع الخلافات مع شركاء وحلفاء بلاده الغربيين والعرب، في خلق مناخ من عدم الثقة وفي اضطرابات في العلاقات بين تركيا وأبرز شركائها.
ويرى المستثمرون الأجانب أن تركيا لم تعد بيئة آمنة وسط عزوف عن ضخ استثمارات في سوق كل المؤشرات تؤكد أنها باتت مضطربة وعالية المخاطر.
وكان الرئيس التركي يروج في الأثناء لمؤامرة خارجية قال إنها تستهدف تقويض الإنجازات الاقتصادية؛ وهي ذريعة حاول من خلالها وفي أكثر من مناسبة التغطية على إخفاقات سياساته.
وقبل أشهر قليلة أعلن "أردوغان" عن خطة شاملة لتصحيح مسار العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، بينما يسعى لتسوية خلافات مع دول خليجية على أمل استعادة زخم العلاقات التجارية واستقطاب الاستثمارات الأجنبية.
وجاء إعلان هذه الخطة في إطار دعاية انتخابية مبكرة، فيما يواجه تراجعًا في شعبيته، لكن تلك الخطة أيضًا جاءت بعد أن نصحه مقربون منه من الشخصيات النافذة في حزبه العدالة والتنمية، ومنهم ناجي إقبال محافظ البنك المركزي الحالي ووالد زوجته الذي عيّنه في الفترة الأخيرة لتصحيح المسار وكبح انهيار الليرة والتضخم.