بعث الرئيس التونسي قيس سعيد، اليوم الاثنين، خلال لقاء مع رؤساء المنظمات الوطنية، برسائل طمأنة بعدم الانزلاق إلى مربع الديكتاتورية في تونس، واحترام الحريات وآجال تطبيق الإجراءات الاستثنائية، حسب العربية نت.
وقال سعيد: "سأتحمل المسؤولية كاملة من أجل الشعب.. صبرت كثيرًا وحذرت أكثر من مرة ولم يكن هناك قبول.. هناك من يسعى لتفجير الدولة من الداخل".
ودعا "الجميع إلى الهدوء وعدم الرد على استفزازات البعض"، مضيفًا: "لا أريد أن تسيل قطرة دم واحدة في بلادي".
وحول الجدل الدائر عن دستورية قراراته الأخيرة قال سعيد: "هناك لصوص يحتمون بالنصوص.. قراراتي كانت تطبيقًا لنص الدستور وليست انقلابًا.. الانقلاب يكون بالخروج عن الشرعية وأنا لجأت للدستور".
وأشار إلى وجود "أطراف نكلت بالشعب واعتقدت أن البلاد لقمة سائغة.. وأطراف تقاسمت الدولة وكأنها ملكهم".
وأوضح أن الفصل 80 من الدستور يتيح له اتخاذ تدابير في صورة وجود خطر داهم يهدد الدولة، مضيفًا أن الخطر أصبح واقعًا في تونس، بعد أن أصبحت مرتعًا للصوص يحتمون بنصوص قانونية وضعوها على مقاسهم لاقتسام السلطة ويتعاملون مع الدولة ومقدراتها وكأنها ملك لهم، مشددًا على أنه لا مجال لاستمرار الدولة على هذا الشكل.
وكشف أنه أبلغ مسبقًا رئيس البرلمان راشد الغنوشي بنيته استخدام حقه الدستوري، مضيفًا: "أنا لم أحل البرلمان بل قمت بتجميد أعماله".
وتابع: "أقول للمواطنين إن الدولة قائمة وحرياتكم مصانة.. لم يكن بالإمكان أن تستمر الدولة بهذا الشكل". كما طمأن رجال الأعمال عن سلامة دولة القانون في تونس.
واعتبر سعيد أن "الشرعية يجب أن تتناغم مع مطالب الشعب"، مضيفًا: "صبري نفد وكان لا بد من استعادة دولة القانون". وتعهّد بحماية الحقوق والحريات، وبتكريس مبدأ المساواة أمام القانون.
يأتي هذا بينما أصدر سعيد، مساء اليوم، قرارًا بتعطيل العمل ليومين بمؤسسات الدولة باستثناء الجيش والأمن والمؤسسات الصحية، بهدف إعادة هيكلة التعيينات فيها.
وأصدر سعيد أمرًا رئاسيًا يقضي بتعطيل العمل بالإدارات المركزية والمصالح الخارجية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية لمدة يومين بداية من يوم غدٍ الثلاثاء، مع إمكانية التمديد في مدة تعطيل العمل ببلاغ يصدر عن رئاسة الجمهورية.
وبحسب بيان الرئاسة التونسية: "يُتيح هذا الأمر الرئاسي لكل وزير معني أو رئيس جماعة محلية اتخاذ قرار في تكليف عددٍ من الأعوان بحصص حضورية أو عن بُعد. كما يُلزم الهياكل الإدارية التي تُسدي خدمات إدارية على الخط بتأمين استمرارية تلك الخدمات مع تمكين الرئيس المباشر بكل هيكل إداري أن يُرخّص في بعض الخدمات الإدارية الأخرى أو القيام ببعض إجراءاتها عن بُعد ولاسيّما عبر التراسل الإلكتروني".
ويُستثنى من هذا الأمر الرئاسي أعوان قوات الأمن الداخلي والعسكريون وأعوان الديوانة والأعوان العاملون بالهياكل والمؤسسات الصحية العمومية والأعوان العاملون بمؤسسات التربية والطفولة والتكوين والتعليم العالي الذين يخضعون لتراتيب خاصة.
وأصدر سعيد أمرًا آخر يقضي بمنع تجول الأشخاص والعربات بكامل تونس من الساعة السابعة مساء إلى الساعة السادسة صباحًا وذلك ابتداءً من اليوم الاثنين إلى غاية يوم الجمعة 27 أغسطس، باستثناء الحالات الصحية العاجلة وأصحاب العمل الليلي، مع إمكانية تعديل هذه المدّة ببلاغ يصدر عن رئاسة الجمهورية.
ويمنع القرار كل تجمّع أكثر من ثلاثة أشخاص بالطرق العامة وبالساحات العامة.
ورحبت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، بالقرارات التي أعلنها الرئيس سعيد، وطالبته بوضع خريطة طريق واضحة ضد تنظيم الإخوان، مع تطبيقها وتنفيذها بآجال مضبوطة وجداول محددة.
وحذرت موسي، في كلمة مصوّرة نشرتها على صفحتها الرسمية بموقع "فيسبوك"، من التفاف حركة النهضة على فرحة التونسيين بعد القرارات التي اتخذها سعيد، والتي اعتبرت أنها تصب في المسار نفسه الذي يطالب به التونسيون، الذين خرجوا بكثافة للاحتفال بالتخلّص من الإخوان.
وقالت إن حزبها أسهم مساهمة فعّالة في بلورة هذه القرارات، بعد كشفه لجميع التونسيين بالصورة والصوت عن مخططات حركة النهضة في البرلمان وأجنداتها وعلاقاتها المشبوهة، ما أسهم في صناعة رأي مناهض لتنظيم الإخوان في تونس.
ودعت موسي، سعيد إلى تنفيذ حقيقي لكل ما تعهد به في قراراته، وإنقاذ تونس من منظومة الإخوان وفتح الملفات التي تمس أمن الدولة على غرار ملفات التسفير والاغتيالات السياسية والعمليات الإرهابية التي راح ضحيتها جنود وعناصر أمن.
واعتبرت أنّ سعيد أصبح اليوم، بعد القرارات التي اتخذها، يملك كل الصلاحيات التي تتيح له تجفيف منابع الفساد والإرهاب، وإغلاق مقر تنظيم الإخوان المسلمين في تونس، وإصدار موقف واضح للدولة من تيار الإسلام السياسي.
وطلبت موسي من سعيد تقديم رؤية واضحة وشاملة تتضمن ما ينوي القيام به خلال الأيام المقبلة، وتشكيل حكومة كفاءات حقيقية دون مشاركة الإخوان، وعدم وضع يده مرة أخرى مع الإخوان من أجل عدم مصادرة فرحة التونسيين.
وتابعت: "لا يمكن أن نكون إلا في صف الشعب التونسي في سبيل إنقاذ تونس من منظومة الدمار، نتمنى أن يكون الإصلاح جذريًا، ونتمنى أن يكون لما حصل نتيجة لما يبحث عنه التونسيون".