في غضون 24 ساعة، اندلع تمرد مسلح قاده رئيس مجموعة "فاغنر" العسكرية الخاصة يفغيني بريغوجين، لينتهي باتفاق بعد وساطة من الرئيس البيلاروسي ألكساندر لوكاشينكو، وينص على مغادرة بريغوجين -الذي حاول الإطاحة بالقيادة العسكرية الروسية- إلى بيلاروسيا.
قبل الاتفاق، تَعَهّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسحق "تمرد مسلح"، بعد أن سيطرت قوات فاغنر على مدينتي روستوف وفورونيج، وزحفت قوة من 5 آلاف رجل باتجاه موسكو.
وقبل تطور الأحداث، اتسمت تصريحات بريغوجين ضد القيادة العسكرية الروسية -وتحديدًا ضد وزير الدفاع سيرغي شويغو- بالحدة ووصلت حَدَّ الإهانات؛ وذلك على خلفية تزويد جماعته بالذخيرة والأسلحة.
نشر بريغوجين مقطع فيديو صعّد فيه من نبرة خلافه مع كبار الضباط العسكريين في روسيا، ولأول مرة يرفض مبررات موسكو الأساسية للعملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، ثم اتهم القوات الروسية بقصف قوات فاغنر؛ الأمر الذي تَسَبب في مقتل الآلاف من رجاله، وتعهد بالرد.
وفي سلسلة من التسجيلات الصوتية اللاحقة على تلغرام، قال بريغوجين: إن "شر" القيادة العسكرية الروسية "يجب أن يتوقف"، وإن قوات فاغنر سيقودون "مسيرة من أجل العدالة" ضد الجيش الروسي، ورد جهاز الأمن الفيدرالي الروسي بفتح قضية جنائية ضد بريغوجين، قائلًا إنه دعا إلى "تمرد مسلح".
وحث نائب قائد الحملة الروسية في أوكرانيا الجنرال سيرغي سوروفكين، مجموعة فاغنر على التوقف عن معارضتها للقيادة العسكرية والعودة إلى قواعدها؛ وفق ما نقلته "سكاي نيوز عربية".
قال بريغوجين إن رجاله عبروا الحدود من أوكرانيا إلى روسيا وهم على استعداد للذهاب "إلى أبعد مدى" في معارضتهم للجيش الروسي؛ فيما دخل مقاتلو فاغنر مدينة روستوف بجنوب روسيا؛ حسب ما قاله بريغوجين في تسجيل صوتي نُشِر على تلغرام؛ بينما قال البيت الأبيض إنه يراقب الوضع بين روسيا ومجموعة فاغنر، وسيتشاور مع الحلفاء والشركاء بشأن التطورات.
المدعي العام الروسي إيغور كراسنوف يُبلغ بوتين رسميًّا بالقضية الجنائية ضد بريغوجين بتهمة التمرد المسلح، وحاكم منطقة روستوف المجاورة لأوكرانيا بجنوب روسيا ينصح السكان بالالتزام بالهدوء والبقاء في منازلهم؛ حيث أصبح من الواضح أن قوات فاغنر قد سيطرت على مدينة روستوف.
وزارة الدفاع الروسية تصدر بيانًا تناشد فيه مقاتلي فاغنر التخلي عن زعيمهم، قائلة إنهم "خُدِعوا وجُرُّوا إلى مغامرة إجرامية"، ثم يأتي مصدر أمني روسي قال لـ" رويترز" إن مقاتلي فاغنر سيطروا على جميع المنشآت العسكرية في مدينة فورونيج الواقعة على بُعد نحو 500 كيلومتر جنوبي موسكو، ليلقي بوتين خطابًا عبر التلفزيون يتعهد فيه بسحق "التمرد المسلح"، ويتهم بريغوجين "بالخيانة" وبتوجيه "طعنة في الظهر" لروسيا.
وقد رفض بريغوجين اتهام بوتين له ولجماعته بالخيانة، وجاء في بيان منسوب لقوات فاغنر أنه "سيكون لروسيا رئيس جديد"، ثم يصرّح الزعيم الشيشاني رمضان قديروف، حليف بوتين، بأن قواته مستعدة للمساعدة في إخماد تمرد بريغوجين واستخدام أساليب قاسية إذا لزم الأمر.
الحكومات الأوروبية -بما في ذلك بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا- تُصدِر بيانات تقول إنها تراقب عن كثب التطورات في روسيا، ثم تحل طائرات هليكوبتر عسكرية روسية لتفتح النار على قافلة من متمردي فاغنر، بعدما قطعوا أكثر من نصف الطريق نحو موسكو في تقدم خاطف بعد الاستيلاء على روستوف خلال الليل.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يقول إن "ضعف روسيا واضح"، وإنه كلما احتفظت موسكو بقواتها ومرتزقتها في أوكرانيا لفترة أطول، زادت الفوضى التي ستدعوها للتراجع.
رئيس بيلاروسيا ألكساندر لوكاشينكو يتواصل مع الرئيس الروسي، ويعرض الوساطة لإنهاء التمرد المسلح، ثم يقبل بريغوجين وساطة لوكاشينكو ويأمر مقاتليه بالعودة إلى قواعدهم السابقة في لوغانسك لتجنب إراقة الدماء.
وقال الكرملين إن بريغوجين سينتقل إلى بيلاروسيا "كما سيتم إسقاط التهم الجنائية ضده"، وكشف المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أن الرئيس الروسي هو الضامن لاتفاق التسوية الذي تم التوصل إليه بوساطة من لوكاشينكو.
وأعلن الحاكم الإقليمي لمدينة روستوف فاسيلي غولوبيف، عبر تلغرام، أن مقاتلي فاغنر غادروا المدينة بعد أن سيطروا عليها السبت وتوجهوا نحو معسكراتهم؛ فيما ذكرت وسائل إعلام روسية أنه تم رفع جميع القيود المفروضة على الطرق السريعة في البلاد، وقالت وكالة تاس الروسية إنه تم إبقاء الإجراءات الأمنية على حالها على الطريق السريع بين موسكو وتولا.