بعد أسبوع من التحقيقات الداخلية، التي شارك فيها الجيش المصري أيضًا، أعلن الجيش الإسرائيلي أن الجندي محمد صلاح إبراهيم (22 عامًا)، نفذ العملية بتخطيط مسبق استهدف به قتل جنود إسرائيليين.
وحسب تقرير لصحيفة "الشرق الأوسط"، فإن الجندي المصري استغلّ المعلومات التي يعرفها عن المنطقة، وجمعها من خلال خدمته في قوات حرس الحدود لبلاده، لكي تنجح العملية، وقسم منها لا يعرفه حتى الجنود الإسرائيليون.
وتبيّن من التحقيق أن الجندي إبراهيم دخل من بوابة سرية في الجدار، تم تخصيصها لعدد محدود من الأشخاص، ولم يعرف بوجودها معظم الجنود والضباط الإسرائيليين، ولكي يصل إليها، مشى 5 كيلومترات داخل الأراضي المصرية، وهو يحمل على ظهره حقيبة تضم الكثير من المعدات والعتاد، فيها سكين عسكرية استعان بها لقطع المرابط البلاستيكية للسياج عند المعبر الحدودي، إضافةً إلى رشاش و6 أمشاط رصاص، ثم فتح البوابة بنفس الطريقة التي يفتحها بها الضباط الإسرائيليون، والتي يُفترض أن المصريين لا يعرفونها، ودخل إلى الجهة الإسرائيلية.
لذلك، خرج الإسرائيليون باستنتاج أن هذا الجندي "عرف بالضبط ما يفعله"، وخطّط لعملية محكمة يقتل فيها إسرائيليين، ولذلك توجهت تل أبيب إلى السلطات المصرية طالبةً إجابات عن هذه المعلومات.
وكانت هذه العملية قد وقعت في الثالث من الشهر الحالي، وبدأت في ساعات الفجر الأولى، عندما تمكنت القوات الإسرائيلية من إحباط عملية تهريب مخدرات بكميات كبيرة إلى "إسرائيل" في نقطة "العوجا" على الحدود بين البلدين، وقد دخل الجنود الإسرائيليون في حالة نشوة فائقة بعد هذا الإنجاز، فاسترخوا.
واستغلّ الجندي محمد إبراهيم، الظرف، فقرر اجتياز الحدود وتنفيذ عملية مسلحة ضد الجيش الإسرائيلي، ومشى نحو 5 كيلومترات داخل الحدود المصرية، ثم استغل الثغرة في السياج الحدودي، وانتقل إلى الجانب الإسرائيلي من الحدود، وهناك داهم جنديين يقفان في كشك حراسة بسيط، وأطلق عليهما الرصاص وقتلهما، ثم سار طيلة 1.5 كيلومتر داخل الأراضي الإسرائيلية في النقب، ونصب كمينًا للقوات التي توقّع أن تلاحقه، وعندما وصل أطلق عليها الرصاص وقتل جنديًا ثالثًا، وعندها فقط استيقظ الإسرائيليون، وخرجوا من صدمتهم، وأطلقوا النار عليه وأردوه قتيلًا.
يشير التحقيق الذي نُشِرَت نتائجه، مساء الثلاثاء، إلى أن هناك إهمالًا صارخًا في الإجراءات الأمنية على جانبي الحدود المصرية- الإسرائيلية، فالشرطي المصري كان قد خطط للعملية ونشر منشورات عدائية لإسرائيل، وأظهرت منشوراته أنه يعاني من ضائقة، وطلب تسريحه من الخدمة، لكن قادته لم يستجيبوا.
وأنه في الأسابيع الأخيرة، كان غاضبًا من الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وعبّر عن ذلك في الشبكات الاجتماعية.
وعندما قرر تنفيذ عملية ضد الإسرائيليين، فجر السبت، وجد الطريق مفتوحًا له بشكل لافت، فقد مشى مسافة 5 كيلومترات على الجانب المصري من الحدود، ولم يلاحظ ذلك أحد، مع أن الكاميرات الإسرائيلية تنتشر على طول السياج الحدودي، ثم اجتاز الحدود إلى "إسرائيل" وقتل الجنديين اللذين كانا يحرسان المنطقة التي كان فيها ولم يشعر به أحد، ثم مشى في العمق الإسرائيلي مسافة تبلغ نحو كيلومترين، حتى اقترب من بيوت بلدة يهودية، وهنا أيضًا لم يلاحظه أحد.
وقد اكتشف أمر هذا الشرطي فقط عندما لم يردّ الجنديان على الاتصال، وذلك أيضًا كان مشوبًا بمسلسل إخفاقات، فالطائرات الإسرائيلية المروحية التي يفترض أن تعالج هذه الأمور لم تبلغ بالأمر في وقت مناسب، وعندما أبلغت تلكأت في الوصول، وفي نهاية المطاف وصلت قوة مدرعة قبل وصول الطائرة، وحتى الطائرة المسيرة التي أرسلت إلى المكان لم تهتدِ إليه.
وحتى عندما وصلت إليه قوة عسكرية كبيرة بقيادة ضباط كبار، بينهم القائد الأعلى في المنطقة، وقعت في كمين نصبه لها، وحسب التحقيق، فإن تبادل إطلاق النار بين الطرفين، والذي قُتل فيه الرقيب أوهاد دهان، كان المصري أول من أطلق النار من مسافة نحو 200 متر، وجاء في التسريبات أن طائرة مُسيّرة للجيش الإسرائيلي هي التي رصدت مكان وجود الشرطي المصري، فاشتبكت معه وقتلته.
وقد تبنّى رئيس الأركان "هليفي" توصيات لجنة التحقيق، وأقال قائد الفرقة العقيد عيدو ساعد، رغم أنه قتل الجندي المصري، وتوبيخ قائد الوحدة المقدم أيبين كون، ومنع تقدّمه لست سنوات، واتخاذ إجراءات عقابية بحق عدد آخر من الضباط لاحقًا.