يثير فريق الرئيس المنتخب دونالد ترامب تساؤلات واسعة حول الشفافية في تمويل جهوده الانتقالية، حيث اختار عدم الإفصاح عن هوية المتبرعين أو الحد من قيمة التبرعات، في خرق للممارسات السابقة، التي كانت تهدف إلى تجنب تضارب المصالح وضمان نزاهة العمليات الانتقالية. القانون الحالي يسمح للمواطنين الأجانب بالمساهمة المالية في عمليات الانتقال الرئاسي، مما يعزز المخاوف بشأن النفوذ الأجنبي على الإدارة المقبلة.
وفريق ترامب الانتقالي، بقيادة ليندا ماكمان وهوارد لوتنيك، تجاوز المواعيد النهائية لتوقيع مذكرات التفاهم مع إدارة الرئيس جو بايدن. هذه الوثائق، التي تنظم انتقال السلطة، تُعد جزءاً أساسياً من أي عملية انتقال سلسة. وفي حين أبدت إدارة بايدن استعدادها للتعاون، لم يُحرَز أي تقدم يُذكر، مما أثار انتقادات واسعة من جهات سياسية مختلفة. السيناتور إليزابيث وارن وصفت هذا التأخير بأنه "غير مسبوق" وحذرت من مخاطره على استقرار المؤسسات.
وبالمقارنة مع الانتقالات السابقة، يُظهر فريق ترامب تبايناً كبيراً. فقد اعتمد الرئيس السابق باراك أوباما في عام 2008 على تمويل شفاف محدود التبرعات، بينما وضع فريق بايدن في 2020 معايير صارمة للكشف عن المتبرعين. على العكس من ذلك، أنشأ فريق ترامب كياناً غير ربحياً معفياً من الإفصاح عن مصادر الأموال أو أوجه إنفاقها.
ويُعرف الكيان القانوني الذي يدير انتقال ترامب بـ"Trump Vance 2025 Transition Inc."، وهو مُسجل في ولاية فلوريدا كمنظمة غير ربحية للأموال المظلمة. وهذا النموذج يُمكِّن الفريق من تلقي تبرعات ضخمة، بما في ذلك من مواطنين أجانب، دون أن يُطلب منه الكشف عن التفاصيل للجمهور أو حتى لمصلحة الضرائب الأمريكية.
وعلى سبيل المثال، جمع فريق بايدن الانتقالي في عام 2020 أكثر من 22 مليون دولار من مصادر معروفة، شملت حوالي 450 موظفاً ونفقات مفصلة. في المقابل، رفض فريق ترامب الكشف عن هدفه المالي أو مصادر التمويل، ما أثار مخاوف من استخدام هذه الأموال للتأثير على التعيينات أو السياسات المستقبلية.
ويقول أستاذ السياسة العامة في كلية جون جاي للعدالة الجنائية هيث براون: "عندما لا يتم الكشف عن الأموال، يصبح من المستحيل معرفة من يتبرع أو مقدار ما يقدمه، وماذا يحصل هؤلاء المتبرعون مقابل تبرعاتهم".
والجدل حول شفافية إدارة ترامب ليس جديداً. ففي انتقاله الأول عام 2016، استبدل ترامب الحاكم كريس كريستي بنائبه مايك بنس بسبب خلافات حول جمع الأموال. وكُشف لاحقاً أن فريق 2016 أنفق مئات الآلاف من الدولارات على الإيجار والمرافق في برج ترامب، مع توجيه جزء من الأموال المتبقية إلى منظمة غير ربحية مرتبطة بالرئيس.
ويرى ماكس ستير، رئيس منظمة "الشراكة من أجل الخدمة العامة"، أن غياب الشفافية في التمويل يضر بعملية الانتقال الرئاسي. وأكد أن "الانتقال الرئاسي هو اللحظة التي يتشكل فيها مستقبل الإدارة بالكامل، وأي غموض في هذه المرحلة قد يؤدي إلى تأثيرات طويلة الأمد على النظام السياسي".
فشل فريق ترامب أيضاً في توقيع اتفاقية مع وزارة العدل، مما حال دون قيام مكتب التحقيقات الفيدرالي بفحص أمني شامل للمرشحين لشغل المناصب العليا. وبدلاً من ذلك، اعتمد الفريق على شركات خاصة لإجراء الفحوص، مما يثير مخاوف من تجاوزات محتملة أو ثغرات أمنية خطيرة.
حتى الآن، لم يقدم فريق ترامب خطة أخلاقية علنية تحدد كيفية إدارة تضارب المصالح، رغم أن القانون الفيدرالي يتطلب ذلك. غياب هذه الخطة يزيد من القلق بشأن إمكانية استغلال التبرعات المالية لصالح أفراد أو جهات معينة.
ويُعَد نهج فريق ترامب الحالي تحدياً واضحاً للمعايير التقليدية في الانتقال الرئاسي. ومع اقتراب موعد التنصيب، تبقى الشكوك قائمة بشأن تأثير هذه السياسات على الاستقرار السياسي والمصداقية الدولية للولايات المتحدة.
والجدل حول إدارة فريق ترامب الانتقالي يلقي بظلاله على مستقبل إدارته المحتملة، حيث يمثل غياب الشفافية والتأخير في الترتيبات الرسمية اختباراً حقيقياً للمعايير الديمقراطية الأمريكية.