

فرضت وزارة الخزانة الأمريكية، اليوم، عقوبات على أربعة أفراد وأربع جهات مرتبطة بشبكة دولية تُجنِّد مقاتلين كولومبيين للقتال ضمن صفوف قوات الدعم السريع السودانية، في وقت تشهد فيه البلاد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية عالميًا.
وقالت الوزارة إن الشبكة، التي تضم شركات وأفرادًا من جنسيات متعددة، تورّطت في استقدام عناصر عسكرية كولومبية—including أطفال—وتدريبهم للانخراط في العمليات القتالية لصالح قوات الدعم السريع، المتهمة بارتكاب مجازر وانتهاكات واسعة ضد المدنيين منذ اندلاع الصراع في أبريل 2023.
ونقل البيان عن وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، جون ك. هيرلي، قوله إن “الدعم السريع أثبت مرارًا استعداده لاستهداف المدنيين، بمن فيهم الرضع وصغار السن، ما يفاقم معاناة السودانيين ويهدد استقرار المنطقة.”
تورّط مباشر في معارك السودان
وأوضحت الوزارة أن مئات العسكريين الكولومبيين السابقين التحقوا منذ سبتمبر 2024 بالقتال في السودان، مقدمين خبرات قتالية متقدمة تشمل تشغيل الطائرات المسيّرة، والمهام المدفعية، والقيادة الميدانية. وشارك هؤلاء في معارك عدة، من بينها الخرطوم وأم درمان وكردفان، وصولًا إلى الفاشر التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع في 26 أكتوبر 2025 بعد حصار دام 18 شهرًا.
وأشارت إلى أن المقاتلين الكولومبيين كانوا جزءًا من العمليات التي شهدت “هجمات عشوائية وعمليات قتل جماعي وتعذيب عنصري واستهداف ممنهج للنساء والفتيات”. وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد أعلنت في 7 يناير 2025 أن عناصر من الدعم السريع ارتكبوا جرائم إبادة جماعية.
قلب الشبكة: ضباط سابقون وشركات تجنيد
وحددت الخزانة الأمريكيّة الضابط الكولومبي المتقاعد ألفارو أندريس كيخانو بيسيرا، المقيم في الإمارات، بوصفه المحرك الأساسي لعمليات التجنيد، اعتمادًا على شركة A4SI التي أسسها في بوغوتا وتولت الإعلان واستقطاب مجندين بمهارات متعددة، بينها القنص وتشغيل الدرون والترجمة.
وتتولى زوجته كلوديا فيفيانا أوليفيروس إدارة الشركة، فيما تعمل شركة Global Staffing—المسجّلة في بنما—كواجهة لتوقيع العقود وتلقي المدفوعات بهدف إخفاء صلة A4SI بالشركات الممولة.
كما شملت العقوبات شركة Maine Global Corp التي يديرها الكولومبي ـ الإسباني ماتيو أندريس دوكي بوتيرو، والمتهمة بإدارة التدفقات المالية، ودفع رواتب المقاتلين، وتحويل العملات عبر شركات أمريكية مرتبطة به. وامتدت التحويلات المالية بين عامي 2024 و2025 إلى ملايين الدولارات.
وطالت العقوبات أيضًا مونيكا مونيوز أوكروس وشركتها San Bendito، لدورهما في تمرير التحويلات المالية المتصلة بالشبكة.
سند قانوني وعقوبات شاملة
وجرى تصنيف الأفراد والشركات وفق الأمر التنفيذي 14098 الخاص بمعاقبة الجهات التي تُزعزع استقرار السودان أو تُعرقل المسار الانتقالي نحو حكومة مدنية.
ووفقًا للبيان، تشمل العقوبات تجميد جميع الممتلكات العائدة للجهات المصنفة داخل الولايات المتحدة، ومنع أي تعاملات مالية معها، إضافةً إلى فرض التزامات صارمة على الشركات والمؤسسات المالية لمنع تقديم أي خدمات أو تحويلات قد تُسهِم في دعم هذه الشبكة.
وأكدت الخزانة أن هدف العقوبات “ليس العقاب بحد ذاته، بل دفع الجهات المدرجة إلى تغيير سلوكها”، مع الإشارة إلى إمكانية تقديم طلبات لشطب الأسماء من قوائم العقوبات وفقًا للأنظمة المعمول بها.
دعوات لوقف التدخلات الخارجية
وجددت الولايات المتحدة مطالبتها الأطراف الخارجية بوقف الدعم المالي والعسكري للمتقاتلين في السودان، مؤكدة التزامها بمسار السلام الذي نص عليه بيان 12 سبتمبر 2025، الداعي إلى هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر يعقبها وقف شامل لإطلاق النار وتمهيد لانتقال سياسي يقوده المدنيون.