تسير بريطانيا على طريقها في خطتها للتحول إلى الطاقة النظيفة، وتقف على بعد خطوات من تحقيق هدف صفر انبعاثات كربونية، وذلك بإنهاء اعتمادها على الطاقة المولدة من الفحم بعد مسيرة استمرّت نحو 140 عامًا.
وتفصيلًا: تشهد بريطانيا، بحسب "فاينانشيال تايمز"، استخدامًا متناقصًا للفحم في إنتاج كهرباء؛ ففي عام 1990 وفر الفحم 80% من كهرباء المملكة المتحدة وانخفضت النسبة إلى 1% فقط بحلول عام 2023؛ بحسب صحيفة "فايننشال تايمز".
وفي نهاية الشهر الجاري سيتمّ إغلاق أضخم محطات توليد الطاقة من الفحم "راتكليف أون سور" في "إيست ميدلاندز"، والتي تم بناؤها في الستينيات لتوفير الكهرباء لمليونَيْ منزل في المملكة المتحدة.
واستخدمت بريطانيا مصادر بديلة لإنتاج الطاقة، ويأتي في مقدمتها الغاز 34.7%، ثم الرياح والطاقة الشمسية 32.8%، والطاقة الحيوية 11.6%، والطاقة النووية 13.8%.
وتمّ تمكين نمو الكهرباء المتجددة من خلال الدعم المالي الحكومي وانخفاض تكاليف الإنتاج، والتطورات التكنولوجية لمساعدة نظام الكهرباء على التعامل مع عدد أقل من محطات الفحم، مع توقع أن يتضاعف الطلب على الكهرباء بأكثر من الضعف بحلول عام 2050.
وتعهّدت وزيرة الداخلية البريطانية "آمبر رود" بإغلاق محطات الفحم بحلول عام 2025، وتخفيض استخدامه ابتداء من 2023، لتكون أول دولة من مجموعة الدول السبع الكبرى التي تحدد موعدًا لإغلاق محطات الفحم الملوثة للبيئة.
وتُعدُّ المملكة المتحدة موطنًا لأول محطة طاقة تعمل بالفحم في العالم، والتي افتُتحت في لندن عام 1882، وخلال النصف الأول من القرن الـ20 كان أكثر من ألف منجم للفحم ما تزال تعمل في المملكة المتحدة، وبحلول عام 1984 لم يتبقَّ منها سوى 173 منجمًا فقط.
وفي عام 2015 أغلقت بريطانيا آخر مناجم الفحم على أراضيها، والذي يقع في منطقة كيلينجلي بعد بضعة أيام من توقيع اتفاق المناخ الذي أقيم في باريس؛ تمهيدًا لإيقاف جميع محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم في 2025.
وفي عام 2017 شملت الأرقام القياسية المسجلة للطاقة المتجددة في المملكة المتحدة أول 24 ساعة دون توليد الطاقة من الفحم منذ الثورة الصناعية في 21 أبريل، وكذلك أطول فترة دون توليد الطاقة من الفحم بلغت 40 ساعة و35 دقيقة يومَي 28 و29 أكتوبر.
وفي ظلّ أزمة الطاقة، لاسيما في أعقاب الأزمة الأوكرانية، طلبت الحكومة البريطانية من ثلاث شركات للطاقة إبقاء محطاتها التي تعمل بالفحم مفتوحة في عام 2022، لكنها أكدت في ذات الوقت أن هدفها المتمثل في الاستغناء عن الفحم الحجري في إنتاج الكهرباء بحلول عام 2025 لم يتغير.
يذكر أن الفحم أكثر أنواع الوقود إضرارًا بالبيئة والأكثر كثافة من حيث الانبعاثات الكربونية التي تسبب الاحترار العالمي.
وعند تشغيل محطات الطاقة الحرارية التي تعمل بالفحم، فإن ثاني أكسيد الكبريت، وثاني أكسيد النيتروجين، وجسيمات دقيقة، وزئبق؛ تنطلق كلها في الهواء والأنهار والجداول والبحيرات، وهذه الانبعاثات لا تتسبّب في تدهور البيئة وحسب، بل إن هناك أدلة مستقرة منذ وقت طويل تؤكد الخطر الذي تشكله على صحة الإنسان؛ إذ قدرت التقارير الطبية الصادرة عن الحكومة البريطانية أن "الضباب الدخاني العظيم" في لندن، الناجم عن حرق الفحم وعادم الديزل، كان السبب المباشر لوفاة 4 آلاف نسمة في عام 1952.