
في تصعيد عسكري لافت، كثّفت أوكرانيا هجماتها بالطائرات المسيرة على البنية التحتية النفطية الروسية، مستهدفةً موانئ التصدير الحيوية ومصافي التكرير، وقد قلصت هذه الضربات، التي نفّذتها كييف خلال هذا الشهر الطاقة التكريرية الروسية بنسبة تصل إلى 20%، وهددت إيرادات النفط والغاز التي تمثل العمود الفقري للاقتصاد الحربي الروسي.
واستهدفت هجمات أوكرانيا منشآت نفطية رئيسية، مثل مصفاة ساراتوف وموانئ أوست-لوغا وبريمورسك، مما أدى إلى اضطرابات كبيرة في الإنتاج والتصدير، ووفقًا لمصادر صناعية، حذّرت شركة "ترانس نفط"، التي تسيطر على نقل أكثر من 80% من النفط الروسي، المنتجين من احتمال خفض الإنتاج بسبب القيود على تخزين النفط في خطوط الأنابيب، وكما أشارت الشركة إلى أن استمرار الأضرار قد يجبرها على تقليص قبول النفط الخام، مما يهدد استقرار الإمدادات، بحسب صحيفة "الجارديان" البريطانية.
ويشير الواقع إلى تحديات حقيقية تواجه القطاع النفطي الروسي، وتعتمد موسكو بشكل كبير على إيرادات النفط لتمويل حربها في أوكرانيا، مما يجعل هذه الهجمات ضربة إستراتيجية من كييف، ووصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، هذه العمليات بأنها "العقوبات الأسرع تأثيرًا"، مؤكدًا أنها تستهدف إضعاف الاقتصاد الحربي الروسي.
في سياق متصل، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عزم الاتحاد الأوروبي تسريع التخلص من الوقود الأحفوري الروسي، مشيرةً إلى أن إيراداته تموّل "إراقة الدماء" في أوكرانيا، وتخطط المفوضية لفرض حزمة عقوبات جديدة تستهدف قطاعات الطاقة والبنوك والعملات المشفرة، ورغم تقليص أوروبا لوارداتها النفطية من روسيا، تظل المجر وسلوفاكيا متمسكتين بعلاقاتهما مع موسكو، مدعومتين بمواقف رئيسيْ وزرائهما اليمينيين الصديقين للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ودعا الرئيس ترامب أوروبا إلى وقف شراء النفط الروسي، وأشار إلى ضرورة أن يتوصل زيلينسكي إلى "صفقة" لإنهاء الصراع، ومع ذلك، فشلت وعود ترامب السابقة في تحقيق تقدم ملموس، كما أن ضغوطه على المجر وسلوفاكيا لم تُثمر عن تغيير مواقفهما، وفي الوقت نفسه، وافقت إدارة ترامب على حزم مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار، في إطار آلية "قائمة متطلبات أوكرانيا ذات الأولوية"، مما يعزز دعم واشنطن لكييف.
ولم تقتصر الهجمات على البنية التحتية، بل امتدت إلى استهداف مواقع مدنية، وفي خاركيف، أصابت طائرة روسية مسيرة مبنى تعليميًا، مما أسفر عن إصابة أربعة أشخاص، وفي الوقت نفسه، زعمت روسيا استهداف محطة غاز في سومي، مدعيةً استخدامها عسكريًا، كما كشف تقرير لجامعة ييل عن ترحيل روسيا لأكثر من 19,500 طفل أوكراني قسرًا، في انتهاك لاتفاقيات جنيف، مما يبرز الجانب الإنساني المأساوي للصراع.
ومع تصاعد الضربات الأوكرانية والعقوبات الأوروبية، تواجه روسيا تحديات اقتصادية وعسكرية متزايدة، فهل ستتمكن موسكو من حماية بنيتها التحتية النفطية؟ وكيف سترد على الضغوط الدولية المتفاقمة؟ يبقى المشهد معقدًا، حيث تتشابك الاستراتيجيات العسكرية مع المناورات السياسية في حربٍ لا تزال تداعياتها تتوسع.