حلَّت قبل أيام قليلة ذكرى مرور 105 أعوام على مذبحة الأتراك البشعة، والإبادة الجماعية في حق الأرمن العزل. وهي المذبحة التي قامت بها الدولة العثمانية بداية من 24 إبريل 1915م في حق السكان الأرمن من قتل متعمد وممنهج، وأزهقت إثرها نحو 1.5 مليون روح ونفس بريئة، معظمهم من المواطنين داخل الدولة العثمانية.
ومن المعترف به على نطاق واسع أن مذابح الأرمن تعتبر من جرائم الإبادة الجماعية الأولى في التاريخ الحديث، ويشير الباحثون بذلك إلى الطريقة المنهجية المنظمة التي نُفذت من خلال عمليات قتل، كان هدفها القضاء على الأرمن. وتعتبر مذبحة الأرمن ثاني أكبر جريمة تُصنف ضمن المذابح الجماعية بعد الهولوكست أو المحرقة التي أقامتها ألمانيا النازية لليهود.
ويشير "ويكيبيديا" إلى أن كلمة الإبادة الجماعية صيغت من أجل وصف هذه الأحداث.
كما أطلقت الرابطة الدولية لعلماء الإبادة الجماعية على الحملة العثمانية التي قام بها الأتراك ضد الأقليات المسيحية في الدولة العثمانية بين عام 1914عام 1923 إبادة جماعية.
قتل جماعي
وبحسب تقييمات بعض المؤرخين فإن "الإبادة المنتظمة للأرمن" بدأت في نهاية القرن التاسع عشر؛ إذ يدور الحديث عن القتل الجماعي الذي وضع أساسه في أعوام 1894- 1895 بغية تقليص عدد الأرمن في تركيا، والقضاء عليهم قضاء تامًّا في المستقبل.
ويعتبر24 إبريل عام 1915 البداية الرسمية تاريخيًّا لإبادة الأرمن الجماعية؛ إذ استمر القتل الجماعي في فترة حكم مصطفى كمال أتاتورك حتى عام 1922، حين دخلت القوات التركية مدينة إزمير في سبتمبر عام 1922، ورافقت وقتها عملية الاستيلاء على المدينة مجزرة السكان من الأرمن واليونانيين؛ فحرقت الأحياء الأوروبية للمدينة تمامًا، واستمرت المجزرة 7 أيام.
وتذكر الروايات تعرُّض الآلاف من الأرمن للتعذيب والضرب واغتصاب النساء، ومصادرة الممتلكات، وسيق الكثيرون منهم مسافات طويلة في الجبال بلا طعام أو شراب ليلقوا حتفهم. كما استخدم الأتراك عربات السكك الحديدية لنقل الرجال والنساء والأطفال الأرمن في مسيرات الموت حيث يلقون حتفهم.
العالم يعترف وتركيا تنكر
وتصنف أكثر من 20 دولة الواقعة كمذبحة، من بينها فرنسا وألمانيا وإيطاليا وروسيا، إلا أن تركيا ترفض استخدام لفظ "إبادة جماعية" أو "مذبحة"، مرجعة سقوط هؤلاء الضحايا إلى حرب أهلية.
فيما اعترف الكونجرس الأمريكي مؤخرًا بالجريمة الشنعاء، وكتب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل أيام قليلة على حسابه في "تويتر" في إحياء ذكرى إبادة الأرمن إنه "منذ عام 1915 تم ترحيل وتهجير وقتل 1.5 مليون أرمني"، في إشارة إلى المجازر التركية بحق الأرمن.
وأضاف: "نتذكر الأرمن، وجميع الذين عانوا في الكارثة الكبرى، ونعد بأن نأخذ العبرة من دروس الماضي حتى لا تتكرر تلك الأحداث".
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أقدم في عام 2014م على خطوة غير مسبوقة، بتقديمه العزاء للأرمن عشية ذكرى المذبحة، وأصدر وقتها بيانًا باللغتين التركية والأرمينية، أشار فيه إلى التبعات غير الإنسانية لعملية ترحيل الأرمن إبان الحرب العالمية الأولى، إلا أنه لم يأتِ على ذكر كلمة مذبحة أو إبادة، مخففًا الأمر بقوله "إن الملايين من جميع الأديان والأعراق قُتلوا في الحرب"، إلا أن ذلك العزاء يعتبر اعترافًا ضمنيًّا منه بما أجرمه أجداده في حق العرق الأرميني.