مع انتخاب المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان رئيسًا لإيران، قد تشهد البلاد تخفيفًا في سياستها الخارجية المطلقة، بل وربما فرصة لانفتاح دبلوماسي جديد على العالم، بحسب ما يرجح المسؤولون الحاليون والسابقون والخبراء، فمسعود بزشكيان، وهو طبيب قلب وعضو في البرلمان ووزير صحة سابق، ليس لديه خبرة مباشرة تذكر في السياسة الخارجية، ولكنه تعهد بتمكين أكثر الدبلوماسيين الإيرانيين نخبوية وعالمية من إدارة أجندته الخارجية، مما أثار الآمال في علاقة أكثر دفئًا مع الغرب.
ويرى الدبلوماسيون والمحللون، وفق الكاتبة في صحيفة "نيويورك تايمز" لارا جيكس، أن المجال الذي قد يكون للرئيس الإيراني فيه أكبر تأثير على الصعيد الدولي هو تشكيل نظرة العالم لسياسات إيران، وذلك إلى حد كبير من خلال الدبلوماسيين، الذين يختارهم، وفي هذا الصدد، فإن التباين بين "بزشكيان" ومنافسه الرئيسي سعيد جليلي، المحافظ المتشدد والمعادي للغرب، واضح بشدة.
فخلال رئاسة محمود أحمدي نجاد المتشددة، عارض "جليلي" بشدة إبرام صفقة مع القوى العالمية للحد من البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية المؤلمة، وبدلاً من ذلك، دفع من أجل تخصيب اليورانيوم إلى مستويات يمكن استخدامها في تصنيع الأسلحة، وفي هذا السياق قال علي فائز مدير الشؤون الإيرانية في مجموعة الأزمات الدولية: "إن "نهج جليلي أدى إلى عزلة إيران. فهو لا يؤمن بقيمة التعامل مع الغرب، وفي ظل بزشكيان أعتقد أن احتمالات تحقيق انفراجة دبلوماسية ستزداد".
وأعرب "بزشكيان" عن عزمه على وضع سياسة للمشاركة الدولية، وأنه يدعم تخفيف التوتر مع الغرب بهدف إنهاء العقوبات، كما أعلن أنه يريد تعزيز التواصل مع معظم الحكومات الأخرى في جميع أنحاء العالم - باستثناء إسرائيل - ولكنه حذر أيضًا من وضع الكثير من الثقة في التحالفات مع روسيا والصين، وذلك "لأنهم حينها قد يستغلون إيران" ويعزلونها أكثر على الساحة العالمية.
وقال "بزشكيان" في مايو (أيار) الماضي: "إذا أردنا العمل بناءً على هذه السياسة، فيجب أن نتصرف بشكل جيد مع الجميع، وأن نقيم علاقة جيدة مع الجميع بناءً على الكرامة والمصالح المشتركة، وكلما حسّنا علاقاتنا الخارجية، اقتربنا أكثر من السياسة المذكورة آنفًا، ولكن كلما زادت التوترات، ابتعدنا أكثر عن تلك السياسة وتفاقم الوضع".
ووفقاً لـ"فائز"، فإن "بزشكيان" لم يقدم أي مقترحات محددة للسياسة الخارجية، وهو صريح إلى حد ما بشأن افتقاره إلى الخبرة الدولية، ولكن كبير مستشاري السياسة الخارجية في حملته الانتخابية كان محمد جواد ظريف، وزير الخارجية السابق الذي تفاوض على اتفاق نووي مع القوى العالمية في عام 2015، و"ظريف" دبلوماسي بارع يتحدث الإنجليزية بطلاقة، وعاش في الولايات المتحدة، وقد تعرض للسخرية في وطنه من قبل المتشددين باعتباره أمريكيًا مزيفًا.
وستكون إحدى الاختبارات الرئيسية لمدى اهتمام إيران بالدبلوماسية مع الغرب هي ما إذا كانت سترد على الجهود المبذولة لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015، وهي قضية تتعقد بسبب ترشح الرئيس السابق دونالد ترامب للرئاسة.
وأدى الصراع في غزة إلى تفاقم التوترات بين الولايات المتحدة والقوات المدعومة من إيران في لبنان وسوريا والعراق واليمن، مما يقلل من احتمال التوصل إلى اتفاقات جديدة بين واشنطن وطهران، ومع ذلك، يدرك الإيرانيون أن الولايات المتحدة عازمة على تجنب توسيع نطاق الصراع في الشرق الأوسط، وقد كانت هناك رسائل عبر قنوات خلفية بين العاصمتين لتأكيد المخاطر.
وجاء تبادل الأسرى بين البلدين في العام الماضي ليثير الآمال في مزيد من التعاون الدبلوماسي، وكذلك المحادثات غير المباشرة حول البرنامج النووي. ولكن إيران تركز الآن على كيفية - أو ما إذا كان - التعامل مع "ترامب" إذا فاز بإعادة انتخابه في نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو ما يفترضه الكثيرون في الطبقة السياسية الإيرانية.