حرب باردة وذكاء اصطناعي ومأزق أوكرانيا.. "ثعلب السياسة" يتحدّث ومعه 100 عام!

شدّد على أن "الظروف تتطلّب وجود قادة مسؤولين في دفة القيادة يحاولون تجنب الصراع"
هنري كيسنجر
هنري كيسنجر

يصادف، اليوم، احتفال هنري كيسنجر، أو "ثعلب السياسة" الأمريكية كما يوصف، الذكرى المئوية لميلاده، وفي هذه المناسبة تبرز مجموعة من الآراء للسياسي الأمريكي المحنّك في كثير من الملفات والقضايا المفصلية؛ كما كان على مدى التاريخ.

ولعلّ من أبرز آرائه في الفترة الحالية، ما يتعلّق منها بالموقف من الصين والذكاء الاصطناعي والأزمة الأوكرانية والحرب العالمية الثالثة.

الذكاء الاصطناعي

على الرغم من أنه بلغ المئة من عمره، وهو عمر لا يرغب كثيرون أو لا يستطيعون فيه التعرّف على أحدث التقنيات والتكنولوجيا، فإنه يمكن القول: إن كيسنجر أصبح مهووسًا بموضوع الذكاء الاصطناعي، بل إنه تعاون مع اثنين من المؤلفين المشاركين في تأليف كتاب صدر عام 2021 بعنوان "عصر الذكاء الاصطناعي ومستقبل الإنسان".

وعبّر "كيسنجر" في غير مرة، عن خشيته من تسبب الذكاء الاصطناعي أو الآلات بأزمات عالمية وإحداث ضرر شامل، مشيرًا إلى أن الظروف تتطلّب وجود قادة مسؤولين في دفة القيادة يحاولون "تجنب الصراع".

وقال: إن هدف الولايات المتحدة في المحافظة على التحكم البشري في الذكاء الاصطناعي، إنما هو "هدف مرغوب فيه للغاية"، غير أنه قال: إن "السرعة التي يعمل بها الذكاء الاصطناعي ستجعله إشكاليًّا في مواقف الأزمات"؛ وفق ما نقلت "سكاي نيوز عربية".

وقال: إن البشر لا يستطيعون مراجعة كل المعرفة التي اكتسبتها الآلة، مضيفًا: "نحن نعطيها تلك المعرفة.. أنا أحاول الآن أن أفعل ما فعلته فيما يتعلّق بالأسلحة النووية، للفت الانتباه إلى أهمية تأثير هذا التطور".

وأشار إلى أنه سيكون هناك سباق تسلّح بالذكاء الاصطناعي "لكن الأمر سيكون مختلفًا؛ لأنه في سباقات التسلح السابقة يمكنك تطوير نظريات معقولة حول كيفية انتصارك. إنها مشكلة جديدة تمامًا من الناحية الفكرية".

التوتُّر بين واشنطن وبكين

وحول العلاقات الصينية الأمريكية، قال "كيسنجر": إن تصاعد التوترات بين واشنطن وبكين يمكن أن يتحوّل إلى صراع بين الطرفين، ولفت إلى أنه لا يمكن إقصاء الصين من النظام الدولي.

وقال "كيسنجر" في مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية: "أعتقد أن الصين بالنظر إلى قوتها، خصم محتمل وخطير للولايات المتحدة".

وأضاف: "أعتقد أن هذا يمكن أن يتحول إلى صراع. لدينا مجتمعان لهما وجهات نظر تاريخية عالمية، لكن ثقافات مختلفة تتنافس مع بعضها البعض"، مشيرًا إلى أن "المشكلة" في بحر الصين الجنوبي يمكن أن تكون سببًا للصراع.

وأكّد "كيسنجر" يقول: "أودُّ أن أفهم ما إذا كان بإمكاننا إيجاد طرق لحلّها على أساس مبدأ الحرية في أعالي البحار. إذا فشلنا في القيام بذلك، فلا يمكن تجنب الاشتباكات".

وفي الوقت نفسه أشار إلى أن الصراع المحتمل بين الولايات المتحدة والصين، بالنظر إلى الأسلحة الحالية، يمكن أن يهدد بـ"تدمير الحضارة".

وتابع: "الآن الأهم سيكون الحوار بين الزعيمين؛ حيث يتفقان على أن لديهما أخطر الوسائل في العالم، وأنهما سيديران سياستهما بطريقة تقلّل احتمال اندلاع صراع عسكري بينهما، واستخدام هذه الوسائل".

وفي معرض حديثه عن آسيا، في تصريحات لـ"وول ستريت جورنال"، أشار "كيسنجر" إلى أن الصين تسعى للأمن، وليس للهيمنة العالمية، مع أنها تسعى لتكون القوة العظمى في المنطقة؛ حسب رأيه.

أزمة أوكرانيا

وكان "كيسنجر" قد قال في وقت سابق: إن اقتراح ضمّ أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" كان خطأ فادحًا، مشيرًا إلى أن دعوة كييف لحلف الناتو هي التي أدت إلى اندلاع النزاع المسلح.

وأضاف: "نعيش الآن في عصر جديد تمامًا"، مشيرًا إلى أن الوضع الجيوسياسي على مستوى العالم، سيشهد تحوّلات كبيرة بعد انتهاء حرب أوكرانيا.

حرب باردة جديدة

وفي وقت سابق حذّر هنري كيسنجر من مغبّة الدخول في حرب باردة ثانية، معتقدًا أنها ستكون أكثر خطورة من الأولى.

وفي لقاء مع صحيفة "إل موندو" الإسبانية، قال كيسنجر: "يمكن أن تبدأ حرب باردة جديدة بين الصين والولايات المتحدة، يتمتع كلا البلدين بموارد اقتصادية متشابهة، وهو ما لم يكن الحال خلال الحرب الباردة الأولى".

وأضاف: "أصبحت بكين وواشنطن الآن خصمين، ولا يستحقّ انتظار أن تصبح الصين ذات ميول غربية".

يشار إلى أن هنري كيسنجر سياسي أمريكي من مواليد 27 مايو 1923، وشغل منصب وزير خارجية الولايات المتحدة، ومستشار الأمن القومي الأمريكي في ظل حكومة الرئيسَين: ريتشارد نيكسون، وجيرالد فورد. وحصل كيسنجر على جائزة نوبل للسلام عام 1973، وكان رائدًا في محاولات توفيق العلاقات بين أمريكا من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى، وهو العضو الوحيد في حكومة "نيكسون" الذي ما زال على قيد الحياة.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org