مفقودو حرب 15 إبريل بالسودان.. مأساة منسية ومصائر مجهولة وأعداد بلا حصر

"عدي مصباح" اختفى منذ أسبوعَيْن كاملَيْن وأسرته لا تعرف إذا كان حيًّا أم ميتًا
مفقودو حرب 15 إبريل بالسودان.. مأساة منسية ومصائر مجهولة وأعداد بلا حصر

لا يزال الغموض يكتنف مصير الشاب السوداني عدي مصباح عبداللطيف علي إبراهيم (29 عامًا) منذ اختفائه قبل أسبوعين كاملين بحي جبرة جنوبي الخرطوم، وأسرته لا تعرف إذا كان حيًّا أم ميتًا حتى الآن.

وتفصيلاً، قال ابن عمه حلمي إبراهيم: إن عدي مصباح خرج من منزل ذويه بحي جبرة جنوبي الخرطوم، مربع 17، قرب مخازن شركة تباشير الطبية، عند الساعة الواحدة ظهر يوم الثلاثاء 18 إبريل الماضي، الذي يوافق 27 رمضان، قاصدًا مكان عمله (بوتيك للملابس الجاهزة) بالحي نفسه. وفقًا لـ"العربية نت".

وأضاف: نحو الساعة الثالثة تقريبًا طلبته أمه عبر هاتفه النقال إلا أنها فوجئت بهاتفه مغلقًا. وعلى الفور هاتفت صاحب العمل الذي أكد لها أن ابنها غادر المكان قبل قليل مستقلاً دراجة نارية مع أحد أصدقائه.

بدأ الخوف ينهش قلب الأم على فلذة كبدها في تلك الأجواء المرعبة، لكنها بما تبقى لديها من صبر بادرت بالاتصال بصديق عدي الذي خرج برفقته.

وأوضح "حلمي إبراهيم" أن عدي طلب منه أن يقله لتقاطع مسجد بلال (أحد المساجد الشهيرة في حي جبرة)؛ إذ يود لقاء أحد أصدقائه هناك، وبالفعل نفذ له رغبته، وحمله إلى حيث يريد قبل أن يفارقه ويذهب لحال سبيله.

وبعد أن سمعت الأم المكلومة تلك التفاصيل اهتزت الأرض تحت أقدامها.

وقال حلمي إن أسرة عدي لم تدع حجرًا إلا قلبته، وخصوصا بمحيط عمل الشاب المختفي، وكثفوا جهود البحث حول مسجد بلال حيث اختفى للمرة الأخيرة. كما طرقت الأسرة الموجوعة كل الأماكن التي درج عدي على ارتيادها، لكن دون جدوى.

وتابع: لجأت الأسرة إلى نشر صورة وتفاصيل اختفاء عدي بمواقع التواصل بالسودان، ووظفت كل الجهود عبر شبكة المعارف والأهل والأصدقاء لمعرفة مصير عدي إلا أن ذلك لم يسفر عن شيء يُذكر.

وأخيرًا قيدت الأسرة بلاغ فقدان بقسم شرطة جبرة لكن "لم تفدنا الشرطة بأي معلومات؛ وذلك لتعطل عمل الشرطة بنسبة كبيرة"، كما يؤكد حلمي إبراهيم.

وقال مديرو "صفحة مفقودي حرب 15 إبريل بالسودان" بفيسبوك، التي أُنشئت لتنسيق جهود البحث الطوعية عن المفقودين: إن بيانات المفقودين التي وصلت إليهم تتجاوز 98 مفقودًا إلا أن تلك الأرقام لا تعكس الواقع على الأرض؛ إذ لا يزال التبليغ عن المفقودين "ضعيفًا للغاية" لعوامل عدة، بينها انعدام الطرق الآمنة، وتذبذب الكهرباء وخدمة الإنترنت.

وأكدوا عودة 14 مفقودًا إلى ذويهم، فيما تأكدت وفاة ثلاثة أشخاص.

وذكر المحامي عثمان البصري، مستشار أسر مفقودي فض الاعتصام عضو لجنة التحقيق لاختفاء الأشخاص، التي كوّنها النائب العام بالسودان قبل أربعة أعوام، أنهم تحركوا سريعًا للمساهمة في جهود البحث عن المفقودين بعد نشوب الصراع العسكري بين الجيش والدعم السريع.

وقال "البصري": إن اللجنة تلقت العشرات من نشرات المفقودين، وإن الغالبية العظمى من حالات الفقدان التي وصلتهم وقعت بالأيام الثلاثة الأولى لبدء الاقتتال، وإن المفقودين توزعوا جغرافيًّا في المدن الثلاثة (الخرطوم، الخرطوم بحري وأم درمان).

وكشف البصري أن الأطباء كانوا أكثر الفئات في القوائم الأولية للمفقودين التي تعدت المائة مفقود.

وأشار البصري إلى أن غياب الشرطة والنيابة، وانتشار الجثث المجهولة جغرافيًّا بالعاصمة المترامية، صعَّب من جهود البحث عن المفقودين. والأسوأ أن تلك الجثث بدأ بعضها في التحلل، كما دُفن بعضها الآخر دون أن يتم الاستدلال أو التعرف على الشخص المتوفَّى.

وأضاف البصري بأنهم بصدد جمع المعلومات، وحصر الأعداد بشكل دقيق؛ لإصدار قائمة نهائية لمفقودي حرب إبريل بالسودان تمهيدًا لمخاطبة اللجنة الخاصة بالاختفاء القسري التابعة لمجلس حقوق الإنسان والأمم المتحدة؛ إذ تنص الاتفاقية الدولية لحماية كل الأشخاص من الاختفاء القسري، التي وقّع وصادق عليها السودان في فبراير 2021، على أنه "لا توجد أية ظروف استثنائية على الإطلاق لتبرير الاختفاء القسري، حتى وإن كان هناك حرب، أو تهديد بالحرب، أو عدم استقرار سياسي داخلي، أو أي حالة من حالات الطوارئ العامة الأخرى".

كما أن الكشف عن مصير المفقودين يعتبر حقًّا طبيعيًّا، تكفله الإنسانية والمواطنة والأخلاق.

وفي الختام، طالب البصري بضرورة الضغط بشدة على الجيش والدعم السريع وبقية الأجهزة الأمنية والعسكرية؛ للكشف عن أية حالات اعتقال أو احتجاز داخل مقارها؛ لأن ذلك يعدُّ جريمة "إخفاء قسري". مؤكدًا رصد عمليات اعتقال عشوائية لأبرياء؛ للاشتباه بموالاتهم لأحد الطرفَين المتصارعَين.

أخبار قد تعجبك

No stories found.
صحيفة سبق الالكترونية
sabq.org