تُجمع الأطراف الدولية كافة، سواء المنظمات الدولية، أو الدول الفاعلة في النظام الدولي؛ على أن إيران هي مصدر التوتر القائم في المنطقة؛ لكن الملاحظ على مسلك إيران في خلق التوترات في إقليم الشرق الأوسط، أنها لا تتوقف عن إحداث التوترات، وتعمل على رفع وتيرتها وتصعيدها، بما يُضاعف من احتمالات نشوب مواجهة عسكرية، ويضع المنطقة على شفير الحرب، كما أنها باتت تعتمد على استخدام القوة العسكرية في خلق التوترات، واتضح ذلك بشكل جلي في استهدافها لناقلات البترول في الخليج العربي بالألغام البحرية والتوربيدات والصواريخ، وضربها لمنشأتيْ أرامكو بصواريخ كروز والطائرات المسيرة، كما تجلّى أيضًا في استهداف مليشيا الحوثي الموالية لها في الاستهداف المتكرر لمطار أبها، وغيره من المنشآت المدنية الأخرى في السعودية.
تصعيد متعمد
وانجرار إيران في أسلوبها العدائي إلى التصعيد المتعمد المفضي إلى احتمالات المواجهة العسكرية، واستخدام أسلحة في خلق التوترات؛ هو الذي يحكم بنوع رد الفعل من جانب الولايات المتحدة والسعودية في اتفاقهما على استقدام قوات عسكرية أمريكية إلى السعودية لرفع مستوى العمل المشترك في الدفاع عن أمن المنطقة واستقرارها وضمان السلم فيها؛ فأمام أسلوب المواجهة والتصعيد الذي فرضته إيران، لم يكن متاحًا للدولتين من خيار آخر سوى ردع إيران بنفس الأسلوب العسكري، الذي اعتمدته في الإخلال بأمن منطقة الشرق الأوسط التي تزود العالم بجزء كبير من احتياجاته من النفط والغاز.
ويندرج قرار السعودية أمس باستقبال تعزيزات أمريكية إضافية للقوات والمعدات الدفاعية، ضمن أسلوب المواجهة الذي فرضته إيران بلجوئها إلى القوة المسلحة في الإخلال بالأمن الإقليمي، والقرار السعودي في هذا الصدد لا يستحدث سياقًا جديدًا في تفاعل المملكة والولايات المتحدة مع المخاطر المستمرة التي تُشكّلها إيران؛ بل يُكمل ما اتفقت عليه الدولتان في يوليو الماضي من استقبال المملكة قوات أمريكية؛ باعتبار أن ذلك يُعد رسالة عملية تتناسب تمامًا مع ما أقدمت عليه إيران من اللجوء إلى القوة المسلحة.
نوعية القوات
وتؤكد نوعية التعزيزات العسكرية الأمريكية الإضافية -سواء في بند القوات أو المعدات- جدية واشنطن والرياض في توجيه رسالة عملية إلى إيران؛ فبحسب ما أعلنته وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" أول أمس؛ فإن واشنطن سترسل ثلاثة آلاف جندي أمريكي إضافي إلى السعودية، تشمل مجموعات للدفاع الجوي ومجموعات قتالية، كما تضم سربين من الطائرات المقاتلة، وبطاريتين من طراز باتريوت منظومة ثاد الدفاعية؛ فيما بلغ عدد القوات التي أرسلتها واشنطن في المرة السابقة 200 جندي، ونشر عدد من صواريخ باتريوت.
وما يخلص إليه هنا، أن السلوك الإيراني غير منضبط، ومن الصعب التنبؤ باحتمالاته في ضوء لجوئه إلى استخدام الأسلحة في استهداف السعودية والمصالح الدولية المرتبطة بها، وفي مواجهة هذه التهديدات الخطيرة ومن منطلق شعورهما المشترك بالمسؤولية عن أمن المنطقة؛ اتخذت الرياض وواشنطن تلك التدابير العسكرية ذات الطابع الدفاعي؛ بهدف ردع إيران والحفاظ على الأمن الإقليمي بما لا يسمح لإيران باستغلال التوترات القائمة في الإضرار بالاقتصاد العالمي، الذي يعتمد بصفة أساسية على ما تنتجه المنطقة من موارد الطاقة.